نظريات الديموغرافيا pdf , النظريات الحديثة في علم السكان



ظهرالكثير من النظريات السكانية ففترات مختلفة تعود لباحثين ينتمون لحقول معرفية عديدة و هى تركز علي العلاقة بين السكان و الموارد و الحجم الامثل للسكان فمكان و زمان معين و علي تطور حجم السكان الذي من بين ما يقررة معدل الخصوبة السكانية (متوسط عدد الاطفال لكل امراة ) و مدي امكانية توقعة مستقبلا و ايضا معدل الوفيات و الهجرة . و سنلقى اولا نظرة سريعة علي ابرز هذة النظريات. و نظرا لما اكتسبتة نظرية التحول الديمغرافى من شهرة و اهتمام كبير من قبل الباحثين تاييدا او رفضا سنعرض افكارها و تطبيقاتها و النقد الموجة لها بشيء من التفصيل.

النظريات السكانية

من ابرز النظريات السكانية التي عالجت العلاقة بين السكان و الموارد هى نظرية الاقتصادى و القس الانكليزى روبرت ما لثوس (1766-1834) فكتابة “تجربة حول قانون السكان” الذي نشر فاواخر القرن الثامن عشر.(1) و هى تنص علي ان قدرة الانسان علي الانجاب و التناسل اعظم منها علي انتاج ضروريات الحياة و باختصار فقد راي ما لثوس ان قدرة السكان علي التزايد اعظم من قدرة الارض علي انتاج و سائل العيش و ممكن صياغة هذا حسابيا بان تزايد السكان يتم و فق متوالية هندسية بينما لا تزيد و سائل العيش الا و فق متوالية حسابية (2).

وفيما يتعلق بالزعم القائل بوجود ميل طبيعى لدي البشر بالنمو بمتوالية هندسية فقد ربطة ما لثوس بتنازع البقاء بين البشر و علي ذلك النحو و ضع خط مساواة غير مبرهن علية بين قوانين المجتمع البشرى و القطعان الحيوانية . و فسياق ذلك التاويل الرياضى لنمو السكان و وسائل المعيشة تعد المجاعة بمثابة منظم طبيعى “ايجابي” حسب تعبير ما لثوس للتوازن بين المواد الغذائية و السكان اذا لم يتخذ السكان اجراءات لوقف نموهم. و اطلق علي هذة الاجراءات ” المنظمات الاخلاقية للتوازن” و منها الزواج المتاخر و ضبط الشهوة الجنسية (3).

وكان و قت ظهور النظرية ربما تمثل فالفترة التي اصطدم بها النظام الراسمالى ففجر و جودة باولي مظاهر الازمة التي رافقت الثورة الصناعية . حيث فقر الفلاحين و الحرفيين و انتشار البطالة فسرها ما لثوس لا فعلاقات الاستغلال الاجتماعية بل فالطبيعة الازلية البيولوجية البحتة . و منذ هذا الحين و حتي ايامنا هذة و لا سيما فو قت الازمات يلجا ايديولوجيو الراسمالية الي المالثوسية عاملين علي تجديدها و تكييفها مع الحالة الاقتصادية و السياسية المتغيرة (4).

وكانت الرؤية المالثوسية ثمرة و اضحة لمرحلة الثورة الصناعية فاوروبا و كيف كانت تتسق هذة الرؤية مع مصلحة الطبقة الراسمالية الصاعدة حيث اعطتها المالثوسية اسلحة فكرية حادة فمعاركها ضد رجال الاقطاع و العمال و التدخل الحكومي. لهذا كانت موضع قبول عام فالفكر الاقتصادى السياسى الكلاسيكى (5).

ان العيب المنهجى الاساسى للنظرية المالثوسية يكمن فاضفاء طابع بيولوجى علي العمليات الديمغرافية و فالمبالغة بتقدير دورها كعامل محدد للتطور الاجتماعى اي فالجمع بين الحتمية البيولوجية و الديمغرافية .(6) و ربما تعرضت اراء ما لثوس علي امتداد القرن التاسع عشر و العشرين و الي الان الي النقد الذي اثبت افلاسها بالرغم من محاولات المالثوسية الحديثة احيائها. و كان كارل ما ركس ربما دعا فكتابة ” راس المال” المتوالية الحسابية بالمتوالية “الباطلة “. و كان النمو الاقتصادى المستمر الذي شهدتة الاقتصاديات الراسمالية منذ مطلع القرن العشرين و ما رافق هذا من بدء انخفاض معدلات النمو السكانى فمعظم الدول الراسمالية من العوامل التي شجعت الاقتصاديين علي اهالة التراب على الرؤية المالثوسية و عزلها عن الاقتصاد السياسي.(7)

يمكن القول ان النظريات السكانية بعد ما لثوس انقسمت الي اتجاهين رئيسيين احدهما اتجاة تؤيدة بعض النظريات البيولوجية التي تعتقد ان السكان متغير مستقل و من بعدها توجد له قوانينة الخاصة التي تنظم تغيرة و تتحكم فاتجاهات نموه. و ذلك التيار يستند فرؤيتة للمشكلة السكانية علي نتائج التجارب العملية التي طبقت علي بعض الحشرات و الحيوانات و الكائنات الحية الاخري و التوصل الي نتائج طريفة و ساذجة فنفس الوقت. و كان الدافع الاساسى لتلك الدراسات هو التاكد من صحة فكرة المتوالية الهندسية التي حكمت رؤية ما لثوس فزيادة السكان.(8) و من ابرز الكتاب الذين ساهموا فهذا الاتجاة سادلر و دبلداى و سبنسر و جيني. اما الاتجاة الثاني فيتجة الي رفض تاثير العامل البيولوجى بل يفترض و جود عوامل اجتماعية يتاثر فيها السكان فتجعل الانسان يحدد انجابة و يتجة الي الاسرة الصغيرة الحجم و هذا باتباع و سائل تحديد النسل دون ان تتغير طاقتة البيولوجية علي الانجاب. و يسمي ذلك الاتجاة بالنظريات الاجتماعية و من ابرز من ساهم فيه(9) هنرى جورج (1839-1897) الذي رفض نظرية ما لثوس و اعتبرها احد الاخطاء الكبري فالاقتصاد السياسى الكلاسيكى (10) و ديمون و كار- سوندرز و كارل ما ركس. علما ان الاخير لم تكن نظريتة فالسكان الا امرا عرضيا لنظرية الماركسية . حيث اعتقد بان ميل الانسان الي الضغط علي و سائل العيش راجع الي مساوئ الراسمالية (11) التي ممكن ان تزول بعد زوال الطبقات و بناء المجتمع الشيوعي.

ان خاصية الوضع الديمغرافى تشهد علي ان اعادة انتاج السكان بوصفها عملية بيولوجية اجتماعية تتحدد بطابع و مستوي تطور القوي المنتجة و علاقات الانتاج. فالعامل الديمغرافى اذ يمارس تاثيرا مستقلا معينا علي الاقتصاد يتكون هو نفسة تحت التاثير الحاسم للظروف الاجتماعية – الاقتصادية . و ذلك حكم هام للغاية منهجيا حسب الفهم النظرى الماركسي- اللينينى (12) الذي كان سائدا فزمن النظام الاشتراكى السابق. و لكن فراينا ان جزءا من ذلك الفهم لم تزكية الحياة حين اذا فرضنا ان علاقات الانتاج التي كانت سائدة فالدول المذكورة كانت اشتراكية اذن يفترض ان يصبح اتجاة و نمط النمو السكانى بها يحمل قدرا من التباين او الخصوصية عن الدول الراسمالية المتقدمة لكن راينا فكلا الجانبين كان تطور اتجاة النمو بشكل عام هو نفسة اي انخفاض معدلات النمو السكانى و صغر حجم الاسرة . و ذلك الاتجاة مستمر الان. و يذكر الباحثون بهذا الصدد مثلا تشابة نمط النمو السكانى بين برلين الشرقية و الغربية سابقا. اذن يفرض علينا هذا التفكير فعوامل مركبة و متشابكة اقتصادية و اجتماعية و نفسية و سياسية و ثقافية و اسلامية و ارث حضارى و غيرها تؤثر فالخصائص السكانية .

نظرية التحول الديمغرافي

جاءت هذة النظرية كوسيلة لشرح و تفسير الاتجاهات الديمغرافية فاوروبا التي لم تطابق اراء ما لثوس.(13) و ربما هيمنت علي الجزء الرئيس من فكر الديمغرافية الاجتماعية . حيث ان عددا كبيرا جدا جدا من الاعمال النظرية و التجريبية اتجهت للبحث فالقضايا التي اثارتها افكار و ادعاءات النظرية . و من المرجح ان الهيمنة التي احرزتها نتجت من كونها احد الحقائق الديمغرافية القليلة ان لم تكن الوحيدة التي تعرضت لتغير الخصوبة السكانية .علاوة علي هذا فهى تملك بعض الجاذبية كونها توفر و جهة نظر ذات بعد عالمي.(14) و ربما و فرت الحد الادني من الفوائد للعالم الاجتماعى فيما يتعلق بمحددات و عواقب التحول السكاني. رغم هذا هنالك عدم اتفاق حول الامور الاساسية التي عالجتها. و هنالك سبب و جيهة للقول بفوائد ذلك التعارض فالاراء لكن الاكثر اهمية هى محاولة حل المشاكل النظرية و التجريبية الكامنة فالنظرية (15).

تنتج عملية التحول الديمغرافى فمجري التحديث و التطور الاقتصادى من و ضعية تتميز بارتفاع الوفيات و الولادات الي و ضعية انخفاض الوفيات و الولادات عبر مرحلة تتميز بمعدلات الوفيات المنخفضة و تباطا فمعدلات الولادات. ذلك المفهوم للتحول الديمغرافى كسب زخما كاملا فقط بعد كتابات دافيز و نوتيستين فعام 1945 رغم ان الجوهر الكامل للعلاقة بين التحديث و انخفاض الوفيات و الخصوبة اضافة للمراحل الثلاث للتطور صيغت بشكل كامل من قبل ثومبسون فعام 1929. و درست العناصر الرئيسية من قبل لاندرى فالاعوام 1909 و 1934. و ايضا و ردت فالدراسات الكثيرة للاجناس و السلالات البشرية التي اصدرها كار- سوندرز فالاعوام 1922 و 1934 و 1936(16).

تشرح هذة النظرية العلاقة بين معدل الولادات الخام و معدل الوفيات الخام و استعملت لتفسير الية معدلات النمو السكانى فاوروبا الغربية . و ربما و ضع نوتيستين هيكلية التفسير الكلاسيكى للتحول الديمغرافى و نشرها فالبداية فعام 1945 كما ذكرنا اعلاه. و طبقا لهذة النظرية هنالك اربع مراحل للتحول الديمغرافى الاولي غطت معظم التاريخ البشرى حتي انطلاق الثورة الصناعية . و تميزت بارتفاع معدلات الولادات و الوفيات الخام حيث قادت الي خفض معدلات الزيادة الطبيعية بل كانت سالبة فبعض الاوقات و يبدو ان معدل الزيادة الطبيعية لسكان العالم حتي منتصف القرن الثامن عشر كان طفيفا بلغ 0.1% سنويا. (17) بالتاكيد نتج ذلك من ظروف التخلف الاقتصادى و الاجتماعى و الثقافى و الصحى و الحروب و المجاعات التي كانت تعيشها البشرية انذاك. و تتمثل هذة المرحلة حاليا فالمجتمعات الزراعية ذات البناء و الاجتماعى القبلى او التقليدى المتخلف التي لم تنتقل بعد الي الحياة العصرية و تشمل مناطق محدودة من العالم. (18)المرحلة الثانية = تميزت بالانخفاض الثابت فمعدلات الوفيات الخام بسبب تحسن المستوي الصحى و الاقتصادى و التعليمى لكن معدلات الولادات الخام لم تنخفض بشكل اساسى فالمراحل الاولي للثورة الصناعية بل استغرقت عدة عقود. لذا اثناء الفترة 1750-1800 قدر معدل الزيادة الطبيعية للعالم عند 0.4% كمتوسط سنوي. و حسب نوتيستين فقد انخفضت الوفيات فاعقاب الثورة الصناعية لانها احدثت تغيرات ما دية فيما يخص التطور الزراعى و اتصالات اروع و انتاجية عالية و تحسن فالظروف الصحية . و لكن الخصوبة كانت اقل استجابة لمثل ذلك التحديث و انخفاضها اعتمد بدرجة كبار علي انهيار الانظمة الاقتصادية و القيمية – الذي اعقب انخفاض الوفيات- و التي دعمت الخصوبة العالية .(19) و اثناء القرن التاسع عشر و مع انتشار الثورة الصناعية تعزز بقوة انخفاض معدلات الوفيات نتيجة الانخفاض الحاد فمعدلات و فيات الرضع و الاطفال مع زيادة مهمة فالعمر المتوقع و بما ان معدلات الولادات استمرت عالية تسارعت بشكل اساسى معدلات الزيادة الطبيعية فالدول الاوربية الغربية المتقدمة حيث و صلت اكثر قليلا من 1% كمتوسط سنوى فنهاية المرحلة اساسا فالعقد الاول من القرن العشرين. بينما دخلت الدول النامية لهذة المرحلة متاخرة و لكن بسرعة مستفيدة من التقدم الحاصل فمجال الطب الوقائى و العلاجى و لا يزال العديد منها يمر فيها حيث يصبح معدل نمو السكان اكثر من 2% سنويا. (20) بهذا ممكن القول بشكل عام ان العراق يمر فالمرحلة الثانية = من التحول الديمغرافى حيث ان المعدل المذكور اكثر من 2% حسب الجهاز المركزى للاحصاء و الامم المتحدة .(21) و بدات المرحلة الثالثة بعد الحرب العالمية الاولي و تميزت بالانخفاض الواضح و الثابت للخصوبة مترافقة مع استمرار الانخفاض فمعدلات الوفيات الخام حيث قادت الي انخفاض عام ثابت فمعدلات الزيادة الطبيعية فالدول المتقدمة (يتراوح معدل النمو السكانى فهذة المرحلة بين 1%-2% سنويا). اما المرحلة الرابعة فقد بدات منذ السبعينات حيث استمرت معدلات الزيادة الطبيعية منخفضة جدا جدا فالدول الاوربية اضافة الي الدول الصناعية الاخري و فعديد من الحالات و صلت الي مستوي اقل من معدل الاحلال 2.1 و هو متوسط عدد الاطفال الذي تلدة المراة لمواصلة الانجاب مستقبلا. و اثناء العقد الماضى استمرت معدلات الزيادة الطبيعية منخفضة جدا جدا فمعظم دول الاتحاد الاوروبى حتي اقتربت من الصفر. هذة المرحلة من التحول الديمغرافى لها انعاكواب اجتماعية و اقتصادية و سياسية كبار علي هذة الدول فالمدي القصير و الطويل.

فى العقود الماضية ما بدا مجرد و صف او شرح للاتجاهات التاريخية للوفيات و الخصوبة فاوروبا اصبح بشكل متزايد اكثر تفصيلا و اتحد مع اهتمامات اضافية اخري كالمفاهيم المختلفة للتحديث و التحول من المحددات الاجتماعية – الاقتصادية الي المحددات الثقافية – المثلية و النفسية للخصوبة . و ربما جري الاعتقاد بان مبادئ التحولات الديمغرافية التاريخية تنطبق علي اي و ضعية معاصرة و ذلك يعنى ان جميع دولة و منطقة و سكان ممكن ان تسير فمجري تطور التحديث سيرافقة انخفاض الوفيات و الخصوبة . فضوء هذة الاعتبارات يعد مفهوم او تصور التحول الديمغرافى بشكل متزايد نظرية ذات شرعية عالمية مع قوة علي التوقع المستقبلي. بينما حتي الان لا يوجد اتفاق حول الوضعية النظرية لمفهوم التحول الديمغرافى و من الجدير بالذكر ان كيرك و هو ديمغرافى احدث ساهم بالصياغة الاولية للنظرية يدعي بان لا نوتيستين و لا ثومبسون فكرا فالبداية بان ارائهم تشكل نظرية (22)

تطبيق نظرية التحول الديمغرافي

من تطبيق هذة النظرية علي الدول العربية و حسب و ن و ينكلير تبرز ثلاث ملاحظات رئيسية :

الاولى: من الواضح جدا جدا ان انماط التحولات الاجتماعية -الاقتصادية و السياسية اثناء النصف الثاني من القرن العشرين فالدول النامية تشمل كلا من الدول العربية النفطية و غير النفطية كانت فالغالب و بشكل جماعى تختلف عن تلك التي تحدث فالدول الغربية المتقدمة . مثلا كانت حالة الاختلاف كبار فنواح عدة تشمل دور المراة فالحياة الاقتصادية و السياسية و مستوي التصنيع و مصادر الدخل الحكومى و متوسط الدخل الفردى و البنية السياسية . جميع هذة النواحى لها تاثير كبير علي السلوك الديمغرافى بشكل عام و انماط الخصوبة بشكل خاص.

الثانية =: فالدول الغربية المتقدمة كان التطور الاجتماعى و الاقتصادى فكل جوانبة و بالاخص ارتفاع المستوي المعاشى العامل الرئيسى الذي قدم من قبل نظرية التحول الديمغرافى لشرح الانخفاض الحاد فمعدلات الوفيات الخام و فيما بعد فمعدلات المواليد الخام. علي العكس من هذا فالعديد من الدول النامية جاء الانخفاض فمعدلات الوفيات بتاثير عوامل خارجية و فمقدمتها استيراد التسهيلات الصحية الجديدة . (23) و هنا لا اتفق مع الباحث و ن و ينكلير الذي لم يعط دورا للتحولات التي شهدتها البنية الاجتماعية و الاقتصادية و التي انعكست فتطور القوي المنتجة و انتشار التعليم و ارتفاع مستوي الثقافة و الوعي. اذ يلاحظ ان هنالك مثلا علاقة عكسية قوية بين تعليم الاناث و مستوي الخصوبة . و ايضا ارتفاع نسبة مشاركة النساء ففئة السكان النشيطين اقتصاديا. و تسارع عملية التمدن اي توسع المدن و زيادة نسبة السكان القاطنين بها من مجموع السكان. هذة تعد من العوامل الرئيسية التي ساهمت فالتحول الديمغرافى فدول كدول المغرب العربى كما يذكركيث سوتون. ( 24) و فتقديرنا بدون هذة التحولات لا ممكن ان يصبح اثر استيراد التسهيلات الصحية بهذة الفعالية ، رغم ان التحولات المذكورة لم تكن بالمستوي الذي يحدث فالدول المتقدمة . و هذة الوضعية ممكن ان تنسحب علي العديد من الدول النامية .

الثالثة : لم تاخذ النظرية فالاعتبار ثلاثة عوامل لها تاثيرا اساسيا فسلوك الخصوبة : الاول الهجرة و الثاني تاثير السياسة السكانية الحكومية علي مستويات الخصوبة و الثالث العامل الثقافي- الدينى الذي كان موضع تغير ليس فقط من مجتمع الي احدث بل كذلك فداخل المجتمع الواحد بين الادباء و الابناء. (25) و من راينا رغم ان العامل الدينى ممكن ان يمتلك تاثيرا باتجاة بقاء الخصوبة مرتفعة لكن تاثيرة يضعف عندما تتعمق التحولات الاجتماعية -الاقتصادية فالمجتمع و لهذا نري اسرا متدينة تتبني التخطيط العائلي.

هنالك اعتبارات عملية تبرر محاولة تفسير و تطبيق هذة النظرية . فمنذ الحرب العالمية الثانية = شهد العالم و بالاخص العالم النامى نموا سكانيا غير مسبوق اطلق علية “الانفجار السكاني”. هذة الظاهرة ممكن اعتبارها نتيجة متوقعة لنظرية التحول. ايضا فقد توقعت النظرية كذلك بان هذة المرحلة مؤقتة و ان النمو السكانى سيتباطا بواسطة حدوث انخفاض كبير اساسا فالولادات.(26) و ذلك ما حدث بالفعل حيث شهدت الخمسون سنة الماضية انخفاضا و اضحا فمعدلات الخصوبة فالبلدان الاقل تقدما و هذا بانخفاض معدل الخصوبة الكلى من 6 الي 3 اطفال لكل امراة (27).

نقد نظرية التحول الديمغرافي

تنبع القوة التفسيرية للنظرية من ربط المميزات العامة للتغير الديمغرافى بالتغير الاجتماعى و الاقتصادى الذي يلخص فالغالب ب “التحديث”. و هنالك و جهات نظر مختلفة حول النظرية . فنري سزريتير و كرينهالغ يعتقدان بان النظرية لم تفشل فقط فالاختبارات التجريبية لكنها كذلك اضرت بالبحث التجريبى و يجب ان تهمل. اخرون ككيرك و ما سون حددا بانها ممكن ان يصبح لها بعض جوانب الفشل لكن ذلك يهيئ لبناء معرفى يقوى النظرية (28).

وقد و اجة مفهوم التحول الديمغرافى نقدا اساسيا حتي من اوساط اتباعه. ففى عام 1973 علي سبيل المثال فانطلاق المشروع الكبير لدعم نظرية التحول حدد كوال قوة و ضعف النظرية . و ذكر ان هنالك صعوبة فتحديد العتبة الدقائق للتحديث الذي ممكن الاعتماد عليها لتحديد مدي جاهزية الخصوبة للانخفاض. اما تشيسنيز فقد قال فعام 1986 ان قوة مفهوم التحول تكمن فالحقيقة التي لا يمن انكارها بانة فمجري التحديث الكافى تتغير الخصوبة و الوفيات بكيفية ممكن توقعها(29).

حاول كوال و المشاركون معة من جامعة برينستون استعمال مسح ذى حجم كبير لتحديد المتغيرات الحاسمة التي قررت مستهل و سرعة التحول الديمغرافى فاوربا. و ربما فشلت محاولتهم حيث ان دراستهم لم تستطيع ايجاد اي مؤشر اجتماعي- اقتصادى للتحديث يستطيع بدون لبس و لا ابهام شرح حدوث انخفاض الخصوبة فاوروبا. فالعوامل الاجتماعية – الاقتصادية التي تم التاكيد عليها من قبل نظرية التحول بدت اما عملة مزورة او تناقض نفسها فشرح و قت الانخفاض و معدله. و يشار الي انخفاض الخصوبة المتزامن فهنغاريا و انكلترا علما ان تطور المؤشرات الاجتماعية – الاقتصادية فهنغاريا كان اقل بعديد مقارنة بانكلترا التي كانت تعتبر اكثر بلدان العالم تقدما من الناحية الاقتصادية فذلك الوقت. و مع اخذ الاعتبار لمجتمعات معاصرة كالصين و كوريا الجنوبية و سريلانكا التي باتت الخصوبة بها قريبة او تحت مستوي معدل اعادة الاحلال بدون تحقيق المتطلب المفترض الكامل فالتطور الاجتماعي- الاقتصادي. ايضا بنغلاديش و احدة من الدول الاقل تطورا فالعالم هى كذلك مثال جيد احدث لانخفاض الخصوبة . و فضوء تقييم التسجيل المعاصر لانطلاق و سرعة تحول الخصوبة و جد كلا من بونغارتس و واتكينز كذلك تباينا كبيرا جدا جدا فكل المؤشرات الاجتماعية – الاقتصادية المطبقة مؤكدين خلاصات دراسة جامعة برينستون المشار اليها لتاريخ اوروبا الديمغرافي(30).

يناقش كالدول بان انخفاض الخصوبة يعتمد علي التطور الاجتماعى (اساسا التغير فالعلاقات العائلية ) الذي ليس من الضرورى ان يترافق مع التحديث الاقتصادي. رغم ان العديد من الباحثين لا يرفضون بالضرورة تفسير الرؤي الكلاسيكية لنظرية التحول الديمغرافى و هم يجدون من المهم التاكيد بان القوي التي يرتكز عليها التحول الديمغرافى لا تتطلب فقط تغيرات فالظروف المادية و فالتقسيم الاجتماعى للعمل و الموارد و لكن كذلك تتطلب تغيرات مهمة فالجانب الاجتماعى و الثقافى فيما يخص عدد الاطفال المرغوب بة و سلوك اعادة انتاجهم (31).

ومثل نظرية الحداثة فان نظرية التحول الديمغرافى فبعض نسخها المعدلة تنكر العالم الثالث كتاريخ و تفترض بان التقدم يتكون من انجاز الظروف المميزة للغرب. و بما ان التحديث و الغربنة انتقلا الي دول اخري فان سكانها سيواجهون نفس مراحل التغيير الديمغرافي. و حسب اعتقاد كيرك ذلك ما يحدث بالضبط حيث اصبح تحول الخصوبة عالميا(32).

وفى حالة اليابان الفريدة فهى اول مجتمع غير اوروبى اصبح متطورا و اول من شهد التحول الديمغرافي. و يبدو ان الانخفاض الرئيسى فالولادات بدا فاواخر القرن التاسع عشر. و يقدر ان معدل التكاثر الاجمالى كان 3,0% فعام 1875. و من ذلك التاريخ انجزت اليابان تقدما اجتماعيا و اقتصاديا و انخفض معدل كلا من الوفيات و الولادات. و رغم عدم التاكد من التفاصيل يبدو ان التنمية الاجتماعية -الاقتصادية و الانخفاض الرئيسى فمعدل الولادات كان و ثيقا الصلة فحالة اليابان. فالحقيقة ذلك الشيء الذي حدث طبيعيا فاليابان كان قبل تنفيذ برامج التخطيط العائلى الفعالة . و ذلك يعنى بان نظرية التحول الديمغرافى لم تكن ملازمة و مختصرة علي الثقافة الاوروبية و من بعدها يجب ان يعد ذلك نصر رئيسى لها(33).

وحسب و ن و ينكلير رغم جميع الانتقادات الموجة لنظرية التحول الديمغرافى فانها تظل اطارا مفيدا لتحليل التغيرات الديمغرافية من و جهة نظر تاريخية .اما امكانية تطبيقها علي التحولات الديمغرافية فالدول النامية فهى ليست مجرد نقاش اكاديمى لكن لها اهمية عملية كبار بخصوص السياسة السكانية الملائمة التي يجب تبنيها. (34) و من و جهة نظرنا فان هذة النظرية ممكن تطويرها لتاخذ فالاعتبار الاطار العام لطبيعة البنية الاجتماعية و الاقتصادية فالدول النامية و هذة القضية يفترض ان تبقي مدار نقاش اكاديمى مثمر. و هنا اتفق مع د.برهان غليون الذي يقول ان المفاهيم النظرية تتطور و تغير او تعدل من مضمونها و من اشكال تطبيقها تاريخيا مع تطور الواقع الثقافى و الاجتماعى و الاقتصادى الذي انتجها كما تتطور مع تبدل المكونات التي تدخل بها و الاشياء الحديثة التي ترد عليها(35).

اخيرا نخلص الي ان التحول الديمغرافى فالدول المتقدمة او النامية امر معقد و لا ممكن النظر الية ببساطة . فالعوامل و الخصوصيات الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية و الثقافية و النفسية و الدينية و الارث الحضارى و غيرها تتداخل و تتفاعل لتعطي المسالة الديمغرافية ابعادا ربما تختلف عبر الوقت من بلد لاخر او من مجموعة بلدان الي اخري و لكن فالنهاية سيسرى التحول و لو بدرجات متفاوتة فجميع البلدان لانة يرتبط بالتحولات النوعية الناجمة عن التغيرات الكمية فالخصائص السكانية . فالمعروف ان التغيرات الكمية تفضى الي تحولات نوعية



 

  • نظريات علم السكان pdf
  • النظريات السكانية pdf
  • علم السكان نظريات ومفاهيم pdf
  • الديموغرافيا pdf
  • نظريات علم السكان
  • النظريات الاقتصادية في علم السكان bdf
  • نظريات الديموغرافيا
  • نظريات الديمغرافيا
  • وجهات النظر المعاصره حول علاقة بين السكان والتنمية
  • النظرية الاقتصادية في الديموغرافيا


نظريات الديموغرافيا pdf , النظريات الحديثة في علم السكان