قصص الانبياء و الرسل , قصة معظم الانبياء بطريقة مختصرة



                       قصص الانبياء و الرسل كاملة ( ادم _ادريس _هود _صالح _لوط _ ابراهيم )عليهم السلام

سيدنا اسحاق

بعد ان رزق الله ابراهيم -علية السلام- باسماعيل من زوجتة هاجر، كان ابراهيم يدعو الله ان يرزقة بولد من زوجتة سارة التي تحملت معة جميع الوان العذاب فسبيل الله، فاستجاب الله له، و ارسل الية بعض الملائكة علي هيئة رجال، ليبشروة بولد له من زوجتة سارة ، و اخبروة بذهابهم الي قوم لوط للانتقام منهم، و لما جاءت الملائكة الي ابراهيم استقبلهم اقوى استقبال، و اجلسهم فالمكان المخصص للضيافة ، بعدها اسرع لاعداد الاكل لهم، فقد كان ابراهيم رجلا كريما جوادا، و فلحظات جاء بعجل سمين، و قربة اليهم، فلم ياكلوا او يشربوا اي شيء، فخاف ابراهيم -علية السلام- منهم، و ظهر الخوف علي و جهه، فطمانتة الملائكة ، و اخبروة انهم ملائكة ، و بشروة بغلام عليم..


كل هذا، و سارة زوجة ابراهيم تتابع الموقف، و تسمع كلامهم، و هذا من خلف الجدار، فاقبلت اليهم، و هى فذهول مما تسمعه، و تعجبت من بشارتهم، فكيف تلد و هى امراة عجوز عقيم، و زوجها رجل كبير، فاخبرتها الملائكة بان ذلك امر الله القادر علي جميع شيء، فاطمان ابراهيم، و ذهب عنة الخوف، و سكنت فقلبة البشري التي حملتها الملائكة له؛ فخر ساجدا للة شاكر له.


وبعد فترة ، ظهر الحدث المنتظر و المعجزة الالهية امام عين ابراهيم و زوجته؛ حيث و لدت سارة غلاما جميلا، فسماة ابراهيم اسحاق، و القران الكريم لم يقص علينا من قصة اسحاق -علية السلام- الا بشارته، و ايضا لم يذكر لنا القوم الذي ارسل اليهم و ما ذا كانت اجابتهم له، و ربما اثني الله -عز و جل- علية فكتابة الكريم فاكثر من موضع، قال تعالى: {واذكر عبادنا ابراهيم و اسحاق و يعقوب اولى الايدى و الابصار . انا اخلصناهم بخالصة ذكري الدار . و انهم عندنا لمن المصطفين الاخيار} [ص:45-47].


كما اثني رسول الله -صلي الله علية و سلم- علي اسحاق، فقال: (الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم عليهم السلام) [البخاري] و رزق الله اسحاق و لدا اسمة يعقوب، و مرض اسحاق بعدها ما ت بعد ان ادي الامانة التي تحملها.

10-


يعقوب علية السلام

نبى من انبياء الله-عز و جل-، اصطفاة الله، فهو يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم -عليهم السلام-، بشرت الملائكة بة ابراهيم -علية السلام- زوجتة سارة ، قال تعالى: (فبشرناها باسحاق و من و راء اسحاق يعقوب) [هود: 71].


ولد يعقوب -علية السلام- محاطا باعتناء الله و رحمته، سائرا علي منهج ابائه، و كان ليعقوب اثنا عشر و لدا سماهم القران الكريم بالاسباط، و كان اجلهم قدرا، و انقاهم قلبا، و اسلمهم صدرا، و ازكاهم نفسا، و اصغرهم سنا، يوسف -علية السلام-، لذلك كان يعقوب -علية السلام- يحوطة بمزيد من الاعتناء و الحنان و ذلك شيء طبيعي، فالاب يحنو علي الصغير حتي يكبر، و علي المريض حتي يبرا.


وكان يعقوب -علية السلام- مثالا يحتذي للاب الذي يقوم بتربية اولادة علي الفضيلة ، فيقوم بامرهم، و يسدى لهم النصح، و يحل مشاكلهم، الا ان الشيطان زين للابناء قتل اخيهم يوسف لما راوا من حب ابيهم له، لكنهم بعد هذا رجعوا عن رايهم من القتل الي الالقاء فبئر بعيدة ، لتاخذة احدي القوافل المارة ، و حزن يعقوب علي فراق يوسف حزنا شديدا، و اصابة العمي من شدة الحزن، بعدها رد الله الية بصره، و جمع بينة و بين و لده.


وبعد فترة من الزمن مرض يعقوب-علية السلام- مرض الموت، فجمع ابناءة و اخذ يوصيهم بالتمسك بالايمان بالله الواحد و بعمل الصالحات، قال تعالى: (ام كنتم شهداء اذ حضر يعقوب الموت اذ قال لبنية ما تعبدون من بعدى قالوا نعبد الهك و الة ابائك ابراهيم و اسماعيل و اسحاق الها و احدا و نحن له مسلمون) [البقرة : 133].

يوسف علية السلام


فى ليلة من الليالى راي يوسف -علية السلام- و هو نائم رؤيا عجيبة ، فقد راي احد عشر كوكبا و الشمس و القمر يسجدون له فلما استيقظ، ذهب الي ابية يعقوب -علية السلام- فهذة الرؤيا. فعرف ان ابنة سيصبح له شان عظيم، فحذرة من ان يخبر اخوتة برؤياه، فيفسد الشيطان قلوبهم، و يجعلهم يحسدونة علي ما اتاة الله من فضله، فلم يقص رؤيتة علي احد.


وكان يعقوب يحب يوسف حبا كبيرا، و يعطف علية و يداعبه، مما جعل اخوتة يحسدونه، و يحقدون عليه، فاجتمعوا جميعا ليدبروا له مؤامرة تبعدة عن ابيه.


فاقترح احدهم ان يقتلوا يوسف او يلقوة فارض بعيدة ، فيخلو لهم ابوهم، و بعد هذا يتوبون الي الله، و لكن و احدا احدث منهم رفض قتل يوسف، و اقترح عليهم ان يلقوة فبئر بعيدة ، فيعثر علية بعض السائرين فالطريق، و ياخذونة و يبيعونه.


ولقيت هذة الفكرة استحسانا و قبولا، و استقر رايهم علي نفية و ابعاده، و اخذوا يتشاورون فتدبير الحيلة التي ممكن من خلالها اخذ يوسف و تنفيذ ما اتفقوا عليه، ففكروا قليلا، بعدها ذهبوا الي ابيهم و قالوا له: (يا ابانا ما لك لا تامنا علي يوسف و انا له لناصحون)[يوسف: 11].


فاجابهم يعقوب -علية السلام- انه لا يقدر علي فراقة ساعة و احدة ، و قال لهم: (اخاف ان ياكلة الذئب و انتم عنة غافلون)[يوسف: 13]

فقالوا: (لئن اكلة الذئب و نحن عصبة انا اذا لخاسرون)[يوسف:14]. و فالصباح، خرج الابناء جميعا و معهم يوسف -علية السلام- الي الصحراء، ليرعوا اغنامهم، و ما ان ابتعدوا بة عن ابيهم حتي تهيات لهم الفرصة لتنفيذ اتفاقهم، فساروا حتي و صلوا الي البئر، و خلعوا ملابسة بعدها القوة فيها، و شعر يوسف بالخوف، و الفزع، لكن الله كان معه، حيث اوحي الية الا تخاف و لا تجزع فانك ناج مما دبروا لك.


وبعد ان نفذ اخوة يوسف مؤامرتهم، جلسوا يفكرون فيما سيقولون لابيهم عندما يسالهم، فاتفقوا علي ان يقولوا لابيهم ان الذئب ربما اكله، و اخلعوا يوسف قميصه، و ذبحوا شاة ، و لطخوا بدمها قميص يوسف.


وفى الليل، عادوا الي ابيهم، و لما دخلوا علية بكوا بشدة ، فنظر يعقوب اليهم و لم يجد فيهم يوسف معهم، لكنهم اخبروة انهم ذهبوا ليتسابقوا، و تركوا يوسف ليحرس متاعهم، فجاء الذئب و اكله، بعدها اخرجوا قميصة ملطخا بالدماء، ليصبح دليلا لهم علي صدقهم.

فراي يعقوب -علية السلام- القميص سليما، حيث نسوا ان يمزقوه، فقال لهم: عجبا لهذا الذئب كان رحيما بيوسف اكلة دون ان يقطع ملابسه. بعدها قال لهم مبينا كذبهم: (بل سولت لكم انفسكم امرا فصبر رائع و الله المستعان علي ما تصفون)[يوسف: 18].


اما يوسف فكان لا يزال حبيسا فالبئر ينتظر الفرج و النجاة ، و بينما هو كذلك، مرت علية قافلة متجهة الي مصر، فارادوا ان يتزودوا من الماء، فارسلوا احدهم الي البئر لياتيهم بالماء، فلما القي دلوة تعلق بة يوسف، فنظر فالبئر فوجد غلاما جميلا يمسك به، ففرح الرجل و نادي رجال القافلة ، فاخرجوا يوسف، و اخذوه

معهم الي مصر ليبيعوه.


وكان عزيز مصر فهذا اليوم يتجول فالسوق، ليشترى غلاما له؛ لانة لم يكن له اولاد، فوجد هؤلاء الناس يعرضون يوسف للبيع، فذهب اليهم، و اشتراة منهم بعدة دراهم قليلة .


ورجع عزيز مصر الي زوجته، و هو سعيد بالطفل الذي اشتراه، و طلب من زوجتة ان تكرم ذلك الغلام، و تحسن معاملته، فربما نفعهما او اتخذاة و لدا لهما، و كذا مكن الله ليوسف فالارض فاصبح محاطا بعطف العزيز و رعايته.

ومرت السنون، و كبر يوسف، و اصبح شابا قويا، جميل الحسن، و كانت امراة العزيز تراقب يوسف يوما بعد يوم، و ازداد اعجابها بة لحظة بعد اخرى، فبدات تخرج له ذلك الحب بطريق الاشارة و التعريض، لكن يوسف -علية السلام- كان يعرض عنها، و يتغافل عن افعالها، فاخذت المراة تفكر كيف تغرى يوسف بها.


وذات يوم، انتهزت فرصة غياب زوجها عن القصر، فتعطرت و تزينت، و لبست اقوى الثياب، و غلقت الابواب و دعت يوسف حتي ادخلتة حجرتها، و طلبت منة ان يفعل معها الفاحشة .


لكن يسوف بعفتة و طهارتة امتنع عما ارادت، و رد عليها ردا بليغا حيث قال: (معاذ الله انه ربى اقوى مثواى انه لا يفلح الظالمون) [يوسف: 23].


ثم اسرع يوسف -علية السلام- ناحية الباب يريد الخروج من المكان، لكن امراة العزيز لم تدع الفرصة تفوتها، فجرت خلفه، لتمنعة من الخروج، و امسكت بقميصة فتمزق.


وفجاة ، حضر زوجها العزيز، و تازم الموقف، و زاد الحرج، لكن امراة العزيز تخلصت من حرج موقفها امام زوجها، فاتهمت يوسف بالخيانة و محاولة الاعتداء عليها، و قالت لزوجها: (ما جزاء من اراد باهلك سوءا الا ان يسجن او عذاب اليم)[يوسف: 25].


وامام ذلك الاتهام، كان علي يوسف ان يدافع عن نفسه، فقال: (هى راودتنى عن نفسي)[يوسف: 26].


فاحتكم الزوج الي رجل من اهل المراة ، فقال الرجل من غير تردد انظروا: (ان كان قميصة ربما من قبل فصدقت و هو من الكاذبين. و ان كان قميصة ربما من دبر فكذبت و هو من الصادقين)[يوسف: 26-27].


فالتفت الزوج الي امراته، و قال لها: (انة من كيدكم ان كيدكن عظيم)[يوسف: 28]، بعدها طلب العزيز من

يوسف ان يهمل ذلك الموضوع، و لا يتحدث بة امام احد، بعدها طلب من زوجتة ان تستغفر من ذنبها و خطيئتها.


واتفق الجميع علي ان يظل ذلك الفعل سرا لا يعرفة احد، و مع هذا فقد شاع خبر مراودة امراة العزيز ليوسف، و طلبها للفاحشة ، و انتشر فالقصر و تحدث نساء المدينة بما فعلتة امراة العزيز مع فتاها، و علمت امراة العزيز بما قالتة النسوة عنها، فغضبت غضبا شديدا، و ارادت ان تخرج لهن عذرها، و ان جمال يوسف و حسن صورتة هما اللذان جعلاها تفعل ذلك، فارسلت اليهن، و هيات لهن مقاعد مريحة ، و اعطت جميع و احدة منهن سكينا، بعدها قالت ليوسف: اخرج عليهن.

فخرج يوسف متمثلا لامر سيدته، فلما راة النسوة انبهرن بجمالة و حسنه، و قطعن ايديهن دون ان يشعرن بذلك، و ظن كل النسوة ان الغلام ما هو الا ملك، و لا ممكن ان يصبح بشرا. فقالت امراة العزيز: (فذلكن الذي لمتننى فية و لقد راودتة عن نفسة فاستعصم و لئن لم يفعل ما امرة ليسجنن و ليكونا من الصاغرين)[يوسف: 32].

واقتنع النساء بما تفعلة امراة العزيز مع يوسف، فلما راي هذا منهن قال: (قال رب السجن احب الى مما يدعوننى الية و الا تصرف عنى كيدهن اصب اليهن و اكن من الجاهلين)[يوسف: 33].


وكادت تحدث فتنة فالمدينة بسبب عشق النساء ليوسف، فراي القائمون علي الامر فمصر ان يسجن يوسف الي حين، فسجنوه، و ظل يوسف -علية السلام- فالسجن فترة ، و دخل معة السجن

فتيان احدهما خباز و الاخر ساقي، و رايا من اخلاق يوسف و ادبة و عبادتة لربة ما جعلهما يعجبان به، فاقبلا علية ذات يوم يقصان علية ما رايا فنومهما، (قال احدهما انى ارانى اعصر خمرا و قال الاخر انى ارانى احمل فوق راسى خبزا تاكل الطير منة نبئنا بتاويلة انا نراك من المحسنين)[يوسف: 36]

ففسر لهما يوسف رؤياهما، بان احدهما سيخرج من السجن، و يرجع الي عملة كساق للملك، و اما الاخر و هو خباز الملك فسوف يصلب، و تاكل الطير من راسه.


وقبل ان يظهر ساقى الملك من السجن طلب من يوسف ان يذكر امرة عند الله، و يخبرة ان فالسجن بريئا حبس ظلما، حتي يعفو عنه، و يظهر من السجن، و لكن الساقى نسى، فظل يوسف فالسجن بضع سنين، و بمرور فترة من الزمن تحقق ما فسرة لهما يوسف.

وفى يوم من الايام، نام الملك فراي فمنامة سبع بقرات سمان ياكلهن سبع نحيفات، و سبع سنبلات خضر و احدث يابسات، فقام من نومة خائفا مفزوعا مما راه، فجمع رجالة و علماء دولته، و قص عليهم ما راه، و طلب منهم تفسيره، فاعجزهم ذلك، و ارادوا صرف الملك عنة حتي لا ينشغل به، فقالوا: (اضغاث احلام و ما نحن بتاويل الاحلام بعالمين)[يوسف: 44].


لكن هذة الرؤيا ظلت تلاحق الملك و تفزعة خلال نومه، فانشغل الملك بها، و اصر علي معرفة تفسيرها، و هنا تذكر الساقى امر يوسف، و طلب ان يذهب الي السجن ليقابل يوسف، و هنالك طلب منة ان يفسر رؤيا الملك، ففسر يوسف البقرات السمان و السنبلات الخضر بسبع سنين يكثر بها الخير و ينجو الناس فية من الهلاك.

ولم يكتف يوسف بتفسير الحلم، و انما قدم لهم الحل السليم. و ما يجب عليهم فعلة تجاة هذة الازمة ، و هو ان يدخروا فسنوات الخير ما ينفعهم فسنوات القحط و الحاجة من الحبوب بشرط ان يتركوها فسنابلها، حتي ياتى الله بالفرج.


ولما عرف الساقى تفسير الرؤيا، رجع الي الملك ليخبرة بما قالة له يوسف. ففرح الملك فرحا شديدا، و راح يسال عن هذا الذي فسر رؤياه، فقال الساقي: يوسف. فقال الملك علي الفور: ائتونى به.

فذهب رسول الملك الي يوسف و قال له: اجب الملك، فانة يريد ان يراك، و لكن يوسف رفض ان يذهب الي الملك قبل ان تخرج براءته، و يعرف الملك ما حدث له من نساء المدينة .


فارسل الملك فطلب امراة العزيز و باقى النسوة ، و سالهن عن الامر، فقلن معترفات بذنوبهن مقرات بخطئهن، و معلنات عن توبتهن الي الله: ما راينا منة سوءا، و اظهرت امراة العزيز براءة يوسف امام الناس جميعا.

عندئذ اصدر الملك قرارة بتبرئة يوسف مما اتهم به، و امر باخراجة من السجن و تكريمه، و تقريبة اليه. بعدها خيرة ان ياخذ من المناصب ما شاء فقال يوسف: (اجعلنى علي خزائن الارض انى حفيظ عليهم)[يوسف: 55]. فوافق الملك علي ان يتقلد يوسف ذلك المنصب لامانتة و علمه.


وتحققت رؤيا الملك، و انتهت سنوات الرخاء، و بدات سنوات المجاعة ، و جاء الناس من جميع مكان فمصر و البلاد المجاورة لياخذوا حاجتهم من خزائن الملك.

وفى يوم من الايام، و خلال توزيع الحبوب علي الناس اذا بيوسف امام رجال يعرفهم بلغتهم و اشكالهم و اسمائهم، و كانت مفاجاة لم يتوقعوها، انهم اخوته، ابناء ابية يعقوب -علية السلام-، الذي القوة فالبئر و هو صغير، لقد جاءوا محتاجين الي الطعام، و وقفوا امامة دون ان يعرفوه، فقد تغيرت ملامحة بعدما كبر، فاقوى يوسف اليهم، و انسوا هم به، و اخبروة ان لهم اخا اصغر من ابيهم لم يحضر معهم، لان اباة يحبة و لا يطيق فراقه.

فلما جهزهم يوسف باشياء الرحلة ، و قضي حاجتهم، و اعطاهم ما يريدون من الطعام، قال لهم: (ائتونى باخ لكم من ابيكم الا ترون انى اوفى الكيل و انا خير البيتين. فان لم تاتونى بة فلا كيل لكم عندى و لا تقربون).[يوسف: 59-60].

فاظهروا ان الامر ليس ميسورا و سوف يمانع، ليستبدلوا فيها القمح و العلف فرحالهم بدلا من القمح فيضطروا الي العودة الية باخيهم.


وعاد اخوة يوسف الي ابيهم، و قالوا: (يا ابانا منع منا الكيل فارسل معنا اخانا نكتل و انا له لحافظون)[يوسف: 63]، فرفض يعقوب.

وذهب الاخوة الي بضاعتهم ليخرجوها ففوجئوا ببضاعتهم الاولي التي دفعوها ثمنا، و لم يجدوا قمحا، فاخبروا و الدهم ان بضاعتهم ربما ردت اليهم، بعدها اخذوا يحرجون اباهم بالتلويح له بمصلحة اهلهم فالحصول علي الطعام، و يؤكدون له عزمهم علي حفظ اخيهم، و يرغبونة بزيادة الكيل لاخيهم، فقد كان يوسف يعطى لكل فرد حمل بعير.


فقال لهم ابوهم: (لن ارسلة معكم حتي تؤتون موثقا من الله لتاتننى بة الا ان يحاط بكم فلما اتوة موثقهم قال الله علي ما نقول و كيل)[يوسف: 66]، و لم ينس ان يوصيهم فهذا الموقف و ينصحهم، فقال لهم: (يا بنى لا تدخلوا من باب و احد و ادخلوا من ابواب متفرقة و ما اغنى عنكم من الله من شيء ان الحكم الا للة علية توكلت و علية فليتوكل المتوكلون)[يوسف: 67].

وسافر الاخوة الي مصر، و دخلوها من حيث امرهم ابوهم، و لما و قفوا امام يوسف، دعا اخاة الصغير، و قربة اليه، و اختلي به، و اخبرة انه يوسف اخوه.


ثم و زن البضاعة لاخوته، فلما استعدوا للرحيل و العودة الي بلادهم، اذا بيوسف يريد ان يستبقى اخاة بجانبه، فامر فتيانة بوضع السقاية (اناء كان يكيل به) فرحل اخية الصغير، و عندما بدات القافلة فالرحيل اذا بمناد ينادى و يشير اليهم: (انكم لسارقون) [يوسف: 70].


فاقبل الاخوة يتساءلون عن الذي فقد، فاخبرة المنادى انه فقد مكيال الملك، و ربما جعل لمن ياتى بة مكافاة قدرها حمل بعير.

وهنا لم يتحمل اخوة يوسف هذا الاتهام، فدخلوا فحوار ساخن مع يوسف و من معه، فهم ليسوا سارقين و اقسموا علي ذلك. فقال الحراس: (فما جزاؤة ان كنت كاذبين)[يوسف: 74].


هنا ينكشف التدبير الذي الهمة الله يوسف، فقد كان الحكم السائد فشريعة بنى اسرائيل ان السارق يصبح عبدا للمسروق منه، و لما كان يوسف -علية السلام- يعلم ان ذلك هو جزاء السارق فشريعة بنى اسرائيل، فقد قبل ان يحتكم الي شريعتهم دون شريعة المصريين، و وافق اخوتة علي هذا لثقتهم فانفسهم. فاصدر يوسف الاوامر لعمالة بتفتيش اوعية اخوته. فلم يجدوا شيئا، بعدها فتشوا و عاء اخيه، فوجدوا فية اناء الكيل.

وتذكر اخوة يوسف ما و عدوا بة اباهم من عودة اخيهم الصغير اليه، فقالوا: (يا ايها العزيز ان له ابا شيخا كبيرا فخذ احدنا مكانة انا نراك من المحسنين)[يوسف: 78].


فقال يوسف: (معاذ الله ان ناخذ الا من و جدنا متاعنا عندة انا اذا لظالمون) [يوسف:79].


وهكذا مكن الله ليوسف ان يحتفظ باخيه، اما الاخوة فقد احتاروا و جلسوا يفكرون فيما سيقولونة لابيهم عندما يعودون، فقرر كبيرهم الا يبرح مصر، و الا يواجة اباة الا ان ياذن له ابوه، او يقضى الله له بحكم، و طلب منهم ان يرجعوا الي ابيهم، و يخبروة صراحة بان ابنة سرق، فاخذ بما سرق، و ان شك فذلك؛ فليسال القافلة التي كانوا معها او اهل المدينة التي كانوا فيها.

فعادوا الي ابيهم و حكوا له ما حدث، الا ان اباهم لم يصدقهم، و قال: (بل سولت لكم انفسكم امرا فصبر رائع عسي الله ان ياتينى بهم جميعا انه هو العليم الحكيم)[يوسف: 83]، بعدها تركهم، و اخذ يبكى علي يوسف و اخيه، حتي فقد بصره، فاغتاظ ابناءة و قالوا: (تالله تفتا تذكر يوسف حتي تكون حرضا او تكون من الهالكين)[يوسف: 85].

فرد يعقوب -علية السلام- عليهم انه يشكو امرة لله، و ليس لاحد من خلقه، و طلب منهم ان يذهبوا ليبحثوا عن يوسف و اخيه، فهو يشعر بقلب المؤمن ان يوسف ما زال حيا، و المؤمن لا يياس من رحمة الله ابدا.


وتوجة الابناء الي مصر للمرة الثالثة يبحثون عن اخيهم، و يلتمسون بعض الطعام، و ليس معهم الا بضاعة رديئة .

ولما و صلوا مصر دخلوا علي يوسف، فقالوا له: (يا ايها العزيز مسنا و اهلنا الضر و جئنا ببضاعة مزجاة فاوف لنا الكيل و تصدق علينا ان الله يحب المتصدقين)[يوسف: 88]. ففاجاهم يوسف بهذا السؤال: (هل علمتم ما فعلتم بيوسف و اخية اذ انتم جاهلون) [يوسف:89]، فتنبهوا الي رنين ذلك الصوت، و الا هذة الملامح التي قد يعرفونها، فقالوا: (ائنك لانت يوسف)


[يوسف: 90].

فاخبرهم يوسف بحقيقته، و بفضل الله عليه. فاعتذر له اخوته، و اقروا بخطئهم، فعفا يوسف عنهم، و سال الله لهم المغفرة . بعدها سالهم يوسف عن ابيه، فعلم منهم انه ربما فقد بصرة بسبب حزنة عليه، فقال لهم: (اذهبوا بقميصى ذلك فالقوة علي و جة ابى يات بصيرا و اتونى باهلكم اجمعين)[يوسف: 93].


فاخذوا القميص و خرجوا من مصر متوجهين الي فلسطين و قبل ان تصل العير قال يعقوب لمن حوله: (انى لاجد ريح يوسف لولا ان تفندون)[يوسف: 94]، فقالوا له: تالله انك لفى ضلالك القديم)[يوسف: 95]

وبعد ايام عادة اخوة يوسف الي ابيهم، و بشروة بحياة يوسف و سلامة اخيه، بعدها اخرجوا قميص يوسف، و وضعوة علي و جة يعقوب، فارتد الية بصره.

وطلب اخوة يوسف من ابيهم ان يستغفر لهم، فوعدهم يعقوب بانة سيستغفر لهم الله و قت السحر؛ لان ذلك ادعي الية استجابة الدعاء.


وغادر بنو اسرائيل ارضهم متوجهين الي مصر، فلما دخلوها، استقبلهم يوسف بترحاب كبير، و اكرم ابويه، فاجلسهما علي كرسيه، و هنا لم يتمالك يعقوب و امراتة و بنوة الاحد عشر انفسهم حتي انحنوا تحية ليوسف و اكبار لوفائه، و تقديرا لعفوة و فضله، و تذكر يوسف رؤياة القديمة التي راها و هو صغير، فالاحد عشر

كوكبا بعدد اخوته، و الشمس و القمر هنا ابواه، فقال: (يا ابت ذلك تاويل رءياى من قبل ربما جعلها ربى حقا و ربما اقوى بى اذ اخرجنى من السجن و جاء بكم من البدو من بعد ان نزغ الشيطان بينى و بين اخوتى ان ربى لطيف لما يشاء انه هو العليم الحكيم)[يوسف: 100].


ثم توجة يوسف -علية السلام- الي الله -عز و جل- يشكرة علي نعمه، فقال: (رب ربما اتيتنى من الملك و علمتنى من تاويل الاحاديث فاطر السموات و الارض انت و ليى فالدنيا و الاخرة توفنى مسلما و الحقنى بالصالحين)


[يوسف: 101].

وقد سئل النبى صلي الله علية و سلم عن اكرم الناس. فقال: “اتقاهم”. فقالوا: ليس عن ذلك نسالك. فقال: “فيوسف نبى الله ابن نبى الله ابن نبى الله ابن خليل الله” [متفق عليه].


ايوب علية السلام

كان ايوب -علية السلام- نبيا كريما يرجع نسبة الي ابراهيم الخليل -علية السلام-، قال تعالى: (ومن ذريتة داود و سليمان و ايوب و يوسف و موسي و هارون)[الانعام: 84].


وكان ايوب كثير المال و الانعام و العبيد، و كان له زوجة طيبة و ذرية صالحة ؛ فاراد الله ان يختبرة و يمتحنه، ففقد ما له، و ما ت اولاده، و ضاع ما عندة من خيرات و نعم، و اصابة المرض، فصبر ايوب علي هذا كله، و ظل يذكر الله


-عز و جل- و يشكره.

ومرت الايام، و كلما مر يوم اشتد البلاء علي ايوب، الا انه كان يلقي البلاء الشديد بصبر اشد، و لما زاد علية البلاء، انقطع عنة الاهل، و ابتعد عنة الاصدقاء، فصبر و لم يسخط او يعترض علي قضاء الله.


وظل ايوب فمرضة لمدة طويلة لا يشتكي، و لا يعترض علي امر الله، و ظل صابرا محتسبا يحمد الله و يشكره، فاصبح نموذجا فريدا فالصبر و التحمل.


وبعد طول صبر، توجة ايوب الي ربه؛ ليكشف عنة ما بة من الضر و السقم: (انى مسنى الضر و انت ارحم الراحمين)[الانبياء: 83]، فاوحي الله الي ايوب ان يضرب الارض بقدمه، فامتثل ايوب لامر ربه، فانفجرت عين ماء باردة فاغتسل منها؛ فشفى باذن الله، فلم يبق فية جرح الا و ربما برئ منه، بعدها شرب شربة فلم يبق فجوفة داء الا خرج، و عاد سليما، و رجع كما كان شابا جميلا، قال تعالى: (فاستجبنا له فكشفنا ما بة من ضر)[الانبياء: 84].

ونظرت زوجة ايوب اليه، فوجدتة فاقوى صورة ، و ربما اذهب الله عنة ما كان بة من الم و اذي و سقم و مرض، و اصبح صحيحا معافى، و اغناة الله، و رد علية ما له و ولده، قال تعالى: (واتيناة اهلة و مثلهم معهم رحمة من عندنا)[الانبياء: 84].

وقد جعل الله -عز و جل- ايوب -علية السلام- اسوة و قدوة لكل مؤمن ابتلى فجسدة او ما له او و لده، حيث ابتلاة الله بما هو اعظم من هذا فصبر و احتسب حتي فرج الله عنه. قال النبى ص: “بينما ايوب يغتسل عريانا خر علية رجل جراد (جماعة من الجراد) من ذهب، فجعل يحثى (ياخذ بيديه) فثوبه، فناداة ربه: يا ايوب، الم اكن اغنيتك عما ترى؟ قال: بلي يا رب، و لكن لا غني لى عن بركتك” [البخاري].

ذو الكفل علية السلام

احد انبياء الله، و رد ذكرة فالقران الكريم مرتين، فقد مدحة الله -عز و جل- و اثني علية لصبرة و صلاحه، و صدقه، و امانتة و تحملة لعديد من المصاعب و الالام فسبيل تبليغ دعوتة الي قومه، و لم يقص الله -عز و جل- لنا قصته، و لم يحدد زمن دعوته، او القوم الذين ارسل اليهم.


قال تعالى: (واسماعيل و ادريس و ذا الكفل جميع من الصابرين. و ادخلناهم فرحمتنا انهم من الصالحين)[الانبياء: 85-86].

وقال تعالى: (واذكر اسماعيل و اليسع و ذا الكفل و جميع من الاخيار)


[ص: 48].


وقد روى ان نبيا من الانبياء قال لمن معه: ايكم يكفل لى ان يصوم النهار و يقوم الليل و لا يغضب، و يصبح معى فدرجتى و يصبح بعدى فمقامي؟ قال شاب من القوم: انا. بعدها اعاد فقال الشاب: انا، بعدها اعاد فقال الشاب: انا، بعدها اعاد فقال الشاب: انا، فلما ما ت قام بعدة فمقامة فاتاة ابليس بعدما قال ليغضبة يستعدية فقال الرجل: اذهب معه.

فجاء فاخبرة انه لم ير شيئا، بعدها اتاة فارسل معة احدث فجاءة فاخبرة انه لم ير شيئا، بعدها اتاة فقام معة فاخذ بيدة فانفلت منة فسمى (ذا الكفل) لانة كفل ان لا يغضب.[ابن جرير و ابن المنذر و ابى تمام].


يونس علية السلام

فى ارض الموصل بالعراق، كانت هنالك بلدة تسمي “نينوي”، انحرف اهلها عن منهج الله، و عن كيفية المستقيم، و صاروا يعبدون الاصنام، و يجعلونها ندا للة و شريكا له، فاراد الله ان يهديهم الي عبادته، و الي كيفية الحق، فارسل اليهم يونس -علية السلام-، ليدعوهم الي الايمان، و ترك عبادة الاصنام التي لا تضر و لا تنفع، لكنهم رفضوا الايمان بالله، و تمسكوا بعبادة الاصنام، و استعمروا علي كفرهم و ضلالهم دون ان يؤمن منهم احد، بل انهم كذبوا يونس و تمردوا عليه، و استهزءوا به، و سخروا منه.


فغضب يونس من قومه، و يئس من استجابتهم له، فاوحي الله الية ان يخبر قومة بان الله سوف يعذبهم بسبب كفرهم.

فامتثل يونس لامر ربه، و بلغ قومه، و وعدهم بنزول العذاب و العقاب من الله تعالى، بعدها خرج من بينهم، و علم القوم ان يونس ربما ترك القرية ، فتحققوا حينئذ من ان العذاب سياتيهم لا محالة ، و ان يونس نبى لا يكذب، فسارعوا، و تابوا الي الله سبحانه، و رجعوا الية و ندموا علي ما فعلوة مع نبيهم، و بكي الرجال و النساء و البنون و البنات خوفا من العذاب الذي سيقع عليهم، فلما راي الله -سبحانه- صدق توبتهم و رجوعهم اليه، كشف عنهم العذاب، و ابعد عنهم العقاب بحولة و قوتة و رحمته.


قال تعالى: (فلولا كانت قرية امنت فنفعها ايمانها الا قوم يونس لما امنوا كشفنا عنهم عذاب الخزى فالحياة الدنيا و متعناهم الي حين) [يونس: 98].


وبعد خروج يونس من قريته، ذهب الي شاطئ البحر، و ركب سفينة ، و فو سط البحر هاجت الامواج و اشتدت الرياح، فمالت السفينة و كادت تغرق.

وكانت السفينة محملة بالبضائع الثقيلة ، فالقي الناس بعضا منها فالبحر، لتخفيف الحمولة ، و رغم هذا لم تهدا السفينة ، بل ظلت مضطربة تتمايل بهم يمينا و يسارا فتشاوروا فيما بينهم علي تخفيف الحمولة البشرية ، فاتفقوا علي عمل قرعة و الذي تقع عليه؛ يرمى نفسة فالبحر.


فوقعت القرعة علي نبى الله يونس، لكن القوم رفضوا ان يرمى يونس نفسة فالبحر، و اعيدت القرعة مرة اخرى، فوقعت علي يونس، فاعادوا مرة ثالثة فوقعت القرعة علية ايضا، فقام يونس-علية السلام-والقي بنفسة فالبحر، و كان فانتظارة حوت كبير ارسلة الله له، و اوحي الية ان يبتلع يونس دون ان يخدش له لحما، او يكسر له عظما؛ ففعل، قال تعالى: (وان يونس لمن المرسلين. اذ ابق الي الفلك المشحون. فساهم فكان من المدحضين. فالتقمة الحوت و هو مليم) [الصافات: 139-142].

وظل يونس فبطن الحوت بعض الوقت، يسبح الله -عز و جل-، و يدعوة ان ينجية من ذلك الكرب، قال تعالى: (وذا النون اذ ذهب مغاضبا فظن ان لن نقدر علية فنادي فالظلمات ان لا الة الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين. فاستجبنا له و نجيناة من الغم و ايضا ننجى المؤمنين)[الانبياء: 87-88].


وامر الله الحوت ان يقذفة علي الساحل، بعدها انبت علية شجرة ذات اوراق عريضة تظللة و تسترة و تقية حرارة الشمس، قال تعالى: (فنبذناة بالعراء و هو سقيم. و انبتنا علية شجرة من يقطين)[الصافات: 145-146].

وامر الله يونس ان يذهب الي قومه؛ ليخبرهم بان الله تاب عليهم، و رضي عنهم، فامتثل يونس لامر ربه، و ذهب الي قومه، و اخبرهم بما اوحي اليه، فامنوا بة فبارك الله لهم فاموالهم و اولادهم. قال تعالى: (ارسلناة الي ما ئة الف او يزيدون. فامنوا فمتعناهم الي حين)[الصافات: 147-148].


وقد اثني الله -عز و جل- علي يونس فالقران الكريم، قال تعالى: (واسماعيل و السع و يونس و لوطا و كلا فضلنا علي العالمين)[الانعام: 86].

كما اثني النبى ص علي يونس-علية السلام-فقال: “لا ينبغى لعبد ان يقول انا خير من يونس بن متى”[متفق عليه].


وقد اخبر النبى ص ان الذي تصيبة مصيبة او شر بعدها يدعو بدعاء يونس-علية السلام-، يفرج الله عنه، فقال ص: “دعوة ذى النون اذ دعا و هو فبطن الحوت: لا الة الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين، فانة لم يدع فيها رجل مسلم فشيء قط الا استجاب الله له” [الترمذي].

شعيب علية السلام

علي ارض مدين، و هى منطقة بالاردن الان، كان يعيش قوم كفار يقطعون الطريق، و يسلبون اموال الناس الذين يمرون عليهم، و يعبدون شجرة كثيفة تسمي الايكة .


وكانوا يسيئون معاملة الناس، و يغشون فالبيع و الشراء و المكيال و الميزان، و ياخذون ما يزيد عن حقهم.


فارسل الله اليهم رجلا منهم هو رسول الله شعيب-علية السلام-، فدعاهم الي عبادة الله و عدم الشرك به، و نهاهم عن اتيان الافعال الخبيثة ، من نقص الناس اشياءهم، و سلب اموال القوافل التي تمر بديارهم.


فقال لهم: (يا قوم اعبدوا الله ما لكم من الة غيرة ربما جاءتكم بينة من ربكم فاوفوا الكيل و الميزان و لا تبخسوا الناس اشياءهم و لا تفسدوا فالارض بعد اصلاحها ذلكم خير لكم ان كنتم مؤمنين)[الاعراف: 85].

وظل شعيب يدعو قومة و يبين لهم الحق، فامن بة عدد قليل من قومة و كفر اكثرهم، لكن شعيبا لم يياس من عدم استجابتهم، بل اخذ يدعوهم، و يذكر لهم نعم الله التي لا تحصى، و ينهاهم عن الغش فالبيع و الشراء.

لكن قومة لم يتقبلوا كلامه، و لم يؤمنوا به، بل قالوا له علي سبيل الاستهزاء و التهكم: (يا شعيب اصلاتك تامرك ان نترك ما يعبد اباؤنا او ان نفعل فاموالنا ما نشاء انك لانت الحليم الرشيد)[هود: 87].


فرد عليهم شعيب بعبارة لطيفة ، يدعوهم بها الي الحق (قال يا قوم ارايتم ان كنت علي بينة من ربى و رزقنى منة رزقا حسنا و ما اريد ان اخالفكم الي ما انهاكم عنة ان اريد الا الاصلاح ما استطعت و ما توفيقى الا بالله علية توكلت و الية انيب)[هود: 88].

وهكذا كان نبى الله شعيب قوى الحجة فدعوتة الي قومه، و ربما سماة المفسرون خطيب الانبياء لبراعته، بعدها قال لهم ليخوفهم من عذاب الله: (ويا قوم لا يجرمنكم شقاقى ان يصيبكم كما اصاب قوم نوح او قوم هود او قوم صالح و ما قوم لوط منكم ببعيد)[هود: 89].


فاخذوا يهددونة و يتوعدونة بالقتل لولا اهلة و عشيرته، و قالوا له: (يا شعيب ما نفقة كثيرا مما تقول و انا لنراك فينا ضعيفا و لولا رهطك لرجمناك و ما انت علينا بعزيز)[هود: 91].


فقال لهم: (يا قوم ارهطى اعز عليكم من الله و اتخذتموة و راءكم ظهريا ان ربى بما تعملون محيط)[هود: 92].

ثم اخذ يهددهم و يخوفهم من عذاب الله ان استمروا علي طريق الضلال و العصيان، و عند هذا خيرة قومة بين امرين: اما العودة الي دين الاباء و الاجداد، او الخروج من البلاد مع الذي امنوا معه، و لكن شعيبا و الذين امنوا معة يثبتون علي ايمانهم، و يفوضون امرهم لله.


فما كان من قومة الا ان اتهموة بالسحر و الكذب، و سخروا من توعدة اياهم العذاب، و يستعجلون ذلك العذاب

ان كان حقا. فدعا شعيب ربة قائلا: (ربنا افتح بيننا و بين قومنا بالحق و انت خير الفاتحين[الاعراف: 89]، (اى احكم بيننا و بين قومنا بالعدل و انت خير الحاكمين).


فطلب الله سبحانة من شعيب ان يظهر هو و من امن معه؛ لان العذاب سينزل بهؤلاء المكذبين، بعدها سلط الله علي الكفار حرا شديدا جفت منة الزروع و الضروع و الابار، فخرج الناس يلتمسون النجاة ، فاذا بسحابة سوداء، فظنوا ان بها المطر و الرحمة ، فتجمعوا تحتها حتي اظلتهم، لكنها انزلت عليهم حمما حارقة ، و نيرانا ملتهبة احرقتهم جميعا، و اهتزت الارض، و اخذتهم صيحة ازهقت ارواحهم، و حولتهم الي جثث هامدة لا حراك بها و لا حياة .

ونجى الله شعيبا و الذين امنوا معة من العذاب الاليم، قال تعالى: (ولما جاء امرنا نجينا شعيبا و الذين امنوا معة برحمة منا و اخذت الذين ظلموا الصيحة فاصبحوا فديارهم جاثمين. كان لم يغنوا بها الا بعدا لمدين كما بعدت ثمود)[هود: 94-95].

 

 

  • صلوامصر


قصص الانبياء و الرسل , قصة معظم الانبياء بطريقة مختصرة