دعاء لدرء الفتنة , ادعية عن الفتنة



المقدمة

الحمد للة و حدة ، و الصلاة و السلام علي من لا نبى بعدة محمد و الة و صحبة ‏.‏

اما بعد ‏:‏ فاداء لبعض ما اوجب الله من البلاغ و البيان ، و النصح و الارشاد ، و الدعوة الي الخير ، و التواصى بة ، و الدلالة علية ، و بذل الاسباب لدفع الشرور عن المسلمين ، و التحذير منها ، حتي تكون امة الاسلام كما اراد الله منها ، امة متماسكة ، مترابطة متراحمة ، تدين بالاسلام ‏:‏ اعتقادا ، و قولا ، و عملا ‏,‏ مستمسكة بالوحيين الشريفين ‏:‏ الكتاب و السنة ، لا تتقاسمها الاهواء ، و لا تنفذ اليها الافكار الهدامة ، و لا يبلغ منها الاعداء مبلغهم كما قال الله تعالي ‏:‏ ‏{‏ و من يعتصم بالله فقد هدى الي صراط مستقيم ‏}‏ ‏[‏ ال عمران/101 ‏]‏ و قال -سبحانة – ‏:‏ ‏{‏ و ان ذلك صراطى مستقيما فاتبعوة و لا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيلة هذا و صاكم بة لعلكم تتقون‏}‏ ‏[‏ الانعام/153‏]‏ ‏.‏

رايت لذا تحرير ذلك النصيحة ‏:‏ تذكيرا بفرائض الدين ، و لانقاذ المسلمين مما اخذ بعض المفتونين – الذين سقطوا فالفتنة – فالقاء بذورة بينهم فجانبين ‏:‏

فى جانب الغلو و الافراط فالتكفير ؛ لاخراج المسلمين من الاسلام و الخروج عليهم ‏.‏ و فجانب الجفاء و التفريط فالارجاء ، للانحلال من ربقة الاسلام ‏.‏

وكلاهما من سبب الفتنة و الفساد بايقاع التظالم بين العباد من و جة ‏,‏ و اماتة الدين من و جة احدث ‏.‏

وبيان هذة النصيحة فسبعة فصول ‏:‏

الفصل الاول‏:‏ فالتحذير من الفتن

‏”‏ اعاذنا الله منها ‏”‏

قد حذرنا الله و رسولة صلي الله علية و سلم من المفتونين و فتونهم ، قال الله تعالي ‏{‏ و اتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ‏}‏ ‏]‏الانفال/27‏[‏ ‏.‏

وارشدنا النبى صلي الله علية و سلم الي الاستعاذة بالله من الفتن ، و شرها ، و سوئها ، و مضلاتها ‏.‏

وكان من دعاء بعض السلف ‏(‏ اللهم انا نعوذ بك ان نرجع علي اعقابنا او ان نفتن ‏)‏ ‏”‏رواة البخاري‏”‏ ‏.‏

وبين النبى صلي الله علية و سلم ان بين يدى الساعة اياما ينزل بها الجهل ، و يرفع العلم ‏.‏

والحديث العظيم ، حديث حذيفة – رضى الله عنة – فالتحذير من الفتن ، معلوم مشهور ‏.‏

وقد بين الله – سبحانة – فكتابة ان الفتنة تحول دون ان يصبح الدين كلة للة – سبحانة – و لهذا قال – عز شانة – ‏:‏ ‏{‏ و قاتلوهم حتي لا تكون فتنة و يصبح الدين كلة للة ‏}‏ ‏[‏ الانفال/39 ‏]‏ ‏.‏

فالفتنة تناقض الدين ، و هى فتنة الشبهات ، و اسواها فتنة الشرك بالله و فتنة العدول عن محكم الايات و صريح السنة و صحيحها ‏.‏

ولما كانت هذة الفتنة ‏:‏ ‏(‏ فتنة المرجئة ‏)‏ التي تظهر العمل عن حقيقة الايمان و تقول ‏:‏ ‏(‏ لا كفر الا كفر الجحود و التكذيب ‏)‏ بدعة ظلما و ضلالة عميا ، و التي حصل من اثارها ‏:‏

التهوين من خصال الاسلام و فرائضة – شان اسلافهم من قبل – ‏.‏

ومنها ‏:‏ التهوين من شان الصلاة ، لاسيما فهذا الزمان الذي كثر فية اضاعة الصلوات و اتباع الشهوات و طاشت فية موجة الملحدين الذي لا يعرفون ربهم طرفة عين ‏.‏

ومنها ‏:‏ التهوين من تحكيم شريعة الله فعبادة بل و مساندة من يتحاكم الي الطاغوت و ربما امر الله بالكفر بة ‏.‏

قال ابن القيم – رحمة الله تعالي – ف‏:‏ اعلام الموقعين ‏:‏ ‏”‏ و من اعظم الحدث تعطيل كتاب الله و سنة رسولة ‏,‏ و احداث ما خالفهما ‏”‏ انتهي ‏.‏

لما كانت هذة الفتنة الارجائية فمقابلة فتنة الخوارج الذين يقولون ‏”‏ بتكفير مرتكب ال كبار ‏”‏ و هى اخية لها فالضلال، و الابتداع، و سوء الاثار لا يجوز ان يدين الله باى منهما مسلم قط كان لزاما علي اهل العلم و الايمان بيان بطلانهما ، و اظهار المذهب الحق الذي يجب علي جميع مسلم ان يدين الله بة ‏.‏

ونحذر المسلمين من هاتين الفتنتين ، و من هؤلاء المفتونين ، المتجاوزين لحدود رب العالمين ‏{‏ و لا تطيعوا امر المسرفين ‏.‏ الذين يفسدون فالارض و لا يصلحون ‏}‏ ‏[‏ الشعراء/151-152‏]‏ ‏.‏

ونحذر المسلمين من هؤلاء المحرومين المخذولين الذين يختارون الاقوال الباطلة الصادة عن الصراط المستقيم ‏:‏ ‏{‏ و من الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم و يتخذها هزوا اولئك لهم عذاب مهين ‏}‏ ‏[‏ لقمان /6 ‏]‏ ‏.‏

وان من الضلال المبين ، و الغش للمسلمين ، و التدليس علي شببتهم جلب اقوال الفرق الضالة ، و كسائها بلحاء الشريعة ، و نسبتها الي مذهب اهل السنة و الجماعة نتيجة لردود الافعال ، و جدل المخاصمات فلا يجوز بحال الميل لشيء من اهواء النواصب لمواجهة الروافض و لا لشيء من اهواء القدرية لمواجهة الجبرية ، و لا لشيء من اهواء المرجئة لمواجهة الخوارج ، او العكس فذلك كلة ، و كذا من رد الباطل بمثلة ، و الضلالة باخري و هذة جادة الاخسرين اعمالا ، و ربما فضح الله المنافقين فيها ، و هتك استارهم بها فمواضع من كتابة ، منها فصدر سورة البقرة ؛ اذ قالوا لتاييد افسادهم ‏:‏ ‏{‏ انما نحن مصلحون ‏}‏ فكذبهم الله بقولة ‏{‏ الا انهم هم المفسدون و لكن لا يشعرون ‏}‏ ‏[‏ البقرة /11 ‏]‏ ‏.‏

ولما صدوا عما انزل الله – تعالي – حكي الله عنهم اعتذارهم ‏:‏ ‏{‏ بعدها جاؤوك يحلفون بالله ان اردنا الا احسانا و توفيقا ‏}‏ ‏[‏ النساء/61 ‏]‏ ‏.‏

فالواجب رد الباطل و الاهواء المضلة بالكتاب و السنة و ما علية سلف الامة من الصحابة – رضى الله عنهم – فمن تبعهم باحسان ‏.‏

ولا نري كهذا التوجة الي نصرة مذهب المرجئة ، و ادخالة فمذهب اهل السنة و الجماعة ، الا من ‏”‏السقوط فالفتنة ‏”‏ ‏{‏ الا فالفتنة سقطوا ‏}‏ ‏[‏ التوبة /49 ‏]‏ ‏.‏

ومن اراد الله سعادتة جعلة يعتبر بما اصاب غيرة فيسلك مسلك من ايدة الله و نصرة ، و يجتنب مسلك من خذلة الله و اهانة ‏.‏‏.‏‏.‏ ‏”‏مجموع الفتاوى35/388 ‏”‏ ‏.‏

الفصل الثاني‏:‏ العمل بخصال الاسلام

والتحذير من سبب الردة و الفساد

الوصية لنفسى و لكل عبد مسلم بتقوي الله تعالي فالسر و العلانية ، و ان علي جميع من اتم الله علية هذة النعمة ، فرضى بالله ربا و بمحمد صلي الله علية و سلم نبيا و رسولا و بالاسلام دينا ، ان يحمد الله – تعالي – و يثنى علية الخير كلة ، علي هذة النعمة العظيمة التي هى اعظم النعم و اجلها – و ما اكثر نعم الله علي عبيدة – و التي فيها سمانا مسلمين و ان يقيم المسلم ما امر الله بة من خصال الاسلام و ما افترضة الله علية امرا و نهيا فياتمر باوامرة و اعظمها ‏:‏ توحيد الله، و اخلاص العبادة للة ، و العمل علي و فق سنة رسول الله صلي الله علية و سلم ‏.‏ و اجل اعمالها بعد التوحيد ‏:‏ اقامة الصلوات الخمس و سائر اركان الاسلام العظيمة ، و اوامرة الكريمة ، و سبب طاعة الله و مرضاتة ‏.‏

وان ينتهى عن مناهية ، و اسواها الشرك بالله ، و ما يتبع هذا من البدع و المعاصى و الضلالات التي هى من سبب سخط الله و عقابة ‏.‏

ويجب علي المسلمين تواصيهم بهذة النعم ، و بلزوم الكتاب و السنة و الرغبة فيهما و الترغيب بهما و معرفة الاحكام الشرعية من مشكاتهما علي ايدى العلماء الراسخين و الهداة المشهود لهم بالعلم و الدين ، و الدعوة الي هذا علي بصيرة و اقامة الامر بالمعروف و النهى عن المنكر و الصبر علي الاذي فالله و لزوم جماعة المسلمين و وحدة صفهم و التراحم و التعاطف فيما بينهم ، و الشفقة عليهم و النصرة علي الحق الي غير هذا من معالم الاسلام السامية التي فيها النجاح و الفلاح و بها خير الدنيا و الاخرة ، قال الله تعالي ‏:‏ ‏{‏ يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاتة و لا تموتن الا و انتم مسلمون ‏.‏ و اعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا و اذكروا نعمت الله عليكم اذ كنتم اعداء فالف بين قلوبكم فاصبحتم بنعمتة اخوانا و كنتم علي شفا حفرة من النار فانقذكم منها ايضا يبين الله لكم اياتة لعلكم تهتدون ‏}‏ ‏[‏ ال عمران/102-103 ‏]‏ ‏.‏

وليحذر جميع مسلم ان تزل بة قدم عن الاسلام بعد ثبوتها ، فعن انس – رضى الله عنة – ان رسول الله صلي الله علية و سلم قال ‏:‏ ‏(‏ ثلاث من كن فية و جد بهن حلاوة الايمان ‏:‏ من كان الله و رسولة احب الية مما سواهما ، و ان يحب المرء لا يحبة الا للة و ان يكرة ان يعود فالكفر بعد ان انقذة الله منة ، كما يكرة ان يقذف فالنار‏)‏ ‏[‏ متفق علي صحتة ‏]‏ ‏.‏

فالحذر، الحذر من سبب الفتنة و الفساد و الزيغ و الانحراف و الردة و الالحاد و اعظمها الفتنة فالدين و منها شق عصا المسلمين و تفريق جماعتهم و الدعوات المضللة و الوسائل المغرضة و الافكار الهدامة و التوجهات العقدية المضلة و المجادلة بالباطل ، لدحض الحق ، و نشر الاباحية و فساد الاخلاق الي غير ما ذكر مما يوهن المسلمين و يضعف المد الاسلامى ‏.‏ و ليتامل جميع مسلم قول الله تعالي ‏:‏ ‏{‏ يوم تجد جميع نفس ما عملت من خير محضرا و ما عملت من سوء تود لو ان بينها و بينة امدا بعيدا و يحذركم الله نفسة و الله رؤوف بالعباد ‏}‏ ‏[‏ ال عمران/30 ‏]‏ ‏.‏

فالحمد للة علي نعمة الاسلام التي هى اعظم النعم و اصل جميع خير ، كما يحب ربنا و يرضي ‏.‏

الفصل الثالث‏:‏ فبيان حقيقة الايمان

الايمان هو ‏:‏ الدين و هو ‏:‏ اعتقاد بالجنان، و قول باللسان، و عمل بالاركان، يزيد بالطاعة و ينقص بالمعصية و علي هذا حكى الاجماع المستند الي الادلة المتكاثرة من الكتاب و السنة ، عن جميع من يدور علية الاجماع من الصحابة و التابعين ‏.‏

قال شيخ الاسلام ابن تيمية – رحمة الله تعالي – ف‏:‏ ‏”‏ الفتاوي ‏:‏ 7/209 ‏”‏ ‏:‏

‏”‏ قال الشافعى – رحمة الله تعالي – ‏:‏ و كان الاجماع من الصحابة و التابعين بعدهم ‏,‏ و من ادركناهم ‏,‏ يقولون ‏:‏ الايمان قول و عمل و نية ‏,‏ و لا يجزئ و احد من الثلاث الا بالاخر ‏”‏ انتهي ‏.‏

و قال البخارى – رحمة الله تعالي – ‏:‏ ‏”‏ لقيت اكثر من الف رجل من العلماء بالامصار ‏,‏ فما رايت احدا منهم يختلف فان الايمان قول و عمل ‏,‏ و يزيد و ينقص ‏”‏ اخرجة اللالكائى ف‏:‏ ‏”‏ اصول الاعتقاد ‏”‏ بسند صحيح ‏.‏

ولجلالة هذة المسالة و اهميتها افتتح الامام مسلم – رحمة الله تعالى- صحيحة ‏:‏ ب ‏”‏ كتاب الايمان ‏”‏ و ساقة الامام البخارى – رحمة الله تعالي – ف‏:‏ ‏”‏ الكتاب الثاني ‏”‏ من ‏:‏ ‏”‏صحيحه‏”‏ بعد ‏:‏ ‏”‏ كتاب بدء الوحى ‏”‏ و فهذا تاكيد علي ان حقيقة الايمان هذة مبناها علي الوحى و اكثر ابوابة التي عقدها – رحمة الله تعالي – للرد علي المرجئة و غيرهم من المخالفين فحقيقة الايمان ‏,‏ و بعضها للرد علي المرجئة خاصة كما فالباب /36 منة ‏[‏ انظر الفتاوي 7/351 ‏]‏ ‏.‏

و لاهميتة – كذلك – افردة الائمة بالتاليف منهم ‏:‏ ابو عبيد ، و احمد بن حنبل ، و ابن ابى شيبة ، و الطحاوى ، و ابن مندة ، و شيخ الاسلام ابن تيمية ، و غيرهم – رحم الله الجميع – ‏.‏

وعلي هذة الحقيقة للايمان بنى المروزى – رحمة الله تعالي – كتابة ‏:‏ ‏”‏ تعظيم قدر الصلاة ‏”‏ و الصلاة هى اعظم الاعمال و اعمها و اولها و اجلها بعد التوحيد ‏,‏ و هى شعار المسلمين ‏,‏ و لهذا يعبر عنهم فيها ‏,‏ فيقال ‏:‏ اختلف اهل الصلاة ‏,‏ و اختلف اهل القبلة ‏.‏

ولعظم شانها عنون ابو الحسن الاشعرى – رحمة الله تعالي – كتابة فالاعتقاد باسم ‏”‏ مواضيع الاسلاميين و اختلاف المصلين ‏”‏ اي ان غير المصلى لا يعد فخلاف و لا اجماع ‏.‏

والمخالفة فتلك الحقيقة الشرعية للايمان ‏:‏ ابتداع ، و ضلال ، و اعراض عن دلالة نصوص الوحى ، و خرق للاجماع ‏.‏

واياك بعدها اياك – ايها المسلم – ان تغتر بما فاة بة بعض الناس من التهوين بواحد من هذة الاسس الخمسة لحقيقة الايمان لاسيما ما تلقفوة عن الجهمية و غلاة المرجئة من ان ‏”‏ العمل ‏”‏ كمالى فحقيقة الايمان ليس ركنا فية و ذلك اعراض عن المحكم من كتاب الله – تعالي – فنحو ستين موضعا ‏,‏ كقول الله – تعالي – ‏:‏ ‏{‏ و نودوا ان تلكم الجنة اورثتموها بما كنتم تعملون ‏}‏ ‏[‏ الاعراف/43 ‏]‏ و نحوها فالسنة كثير ، و خرق لاجماع الصحابة و من تبعهم باحسان ‏.‏

واياك يا عبد الله من الجنوح الي الغلو فتهبط – و انت لا تشعر – فمزالق الخوارج الذين تبني – فالمقابل – مذهبهم بعض نابتة عصرنا ‏.‏

بل اياك بعدها اياك ان تجعل ايا من مسائل العقيدة الاسلامية ‏”‏ عقيدة اهل السنة و الجماعة ‏”‏ مجالا للقبول و الرد ، و الحذف و التصحيح ، بما يشغب بة ذو هوي ، او ينتحلة ذو غرض فهى – بحمد الله – حق مجمع علية فاحذرهم ان يفتنوك ‏.‏ ثبتنا الله جميعا علي الاسلام و السنة ، امين ‏.‏

الفصل الرابع‏:‏ فبيان ضلال من ضل فحقيقة الايمان و مسالة التكفير

كثر الخوض فبيان حقيقة الايمان و مسالة التكفير و اخذ من لا يريد خيرا بالمسلمين يلقى بذورها المنحرفة بينهم من اثناء و جهتين ضالتين و مذهبين باطلين ‏:‏

احدهما ‏:‏ فجانب الغلو و الافراط فنصوص الوعيد و هو مذهب الخوارج الذين ضلوا فبيان حقيقة الايمان فجعلوة بشقية شيئا و احدا ، اذا زال بعضة زال جميعة فانتج ذلك مذهبهم الضال ‏:‏ ‏”‏ و هو تكفير مرتكب ال كبار ‏”‏ ‏.‏

ومن اثارة ‏:‏ فتح باب التكفير علي مصراعية ، مما يصيب الامة بالتصدع و الانشقاق و هتك حرمات المسلم فدينة و عرضة ‏.‏

وثانيهما ‏:‏ فجانب التقصير و الجفاء و التفريط ففهم نصوص الوعد ، و الصد عن نصوص الوعيد و هو مذهب المرجئة الذين ضلوا فبيان حقيقة الايمان فجعلوة شيئا و احدا لا يتفاضل و اهلة فية سواء ، و هو ‏:‏ ‏”‏ التصديق بالقلب مجردا من اعمال القلب و الجوارح ‏”‏ و جعلوا الكفر هو ‏”‏ التكذيب بالقلب ، و اذا ثبت بعضة ثبت جميعة ‏”‏ فانتج ذلك مذهبهم الضال ‏:‏ ‏”‏ و هو حصر الكفر بكفر الجحود و التكذيب ‏”‏ المسمي ‏:‏ ‏”‏ كفر الاستحلال ‏”‏ ‏.‏

ومن اثارة ‏:‏ فتح باب التخلى عن الواجبات و الوقوع فالمحرمات و تجسير جميع فاسق و قاطع طريق علي الموبقات مما يؤدى الي الانسلاخ من الدين و هتك حرمات الاسلام ‏.‏ نعوذ بالله من الخذلان ‏.‏

كما يلزم علية عدم تكفير الكفار ، لانهم فالباطن لا يكذبون رسالة الرسول صلي الله علية و سلم و انما يجحدونها فالظاهر كما قال الله تعالي لرسولة محمد صلي الله علية و سلم ‏:‏ ‏{‏ فانهم لا يكذبونك و لكن الظالمين بايات الله يجحدون ‏}‏ ‏[‏ الانعام/33 ‏]‏ ‏.‏

وقال – سبحانة – عن فرعون و قومة ‏:‏ ‏{‏ و جحدوا فيها و استيقنتها انفسهم ظلما و علوا ‏}‏ ‏[‏ النحل/14 ‏]‏ ‏.‏

و لهذا قال ابراهيم النخعى – رحمة الله تعالي – ‏”‏ لفتنتهم – يعنى المرجئة – اخوف علي هذة الامة من فتنة الازارقة ‏”‏ ‏.‏

وقال الامام الزهرى – رحمة الله تعالي – ‏:‏ ‏”‏ ما ابتدعت فالاسلام بدعة هى اضر علي اهلة من هذة – يعنى ‏:‏ الارجاء – ‏”‏ رواة ابن بطة ف‏:‏ ‏”‏الابانة ‏”‏ ‏.‏

و قال الاوزاعى – رحمة الله تعالي – ‏:‏ ‏”‏ كان يحيي بن كثير و قتادة يقولان ‏:‏ ليس شيء من الاهواء اخوف عندهم علي الامة من الارجاء ‏”‏ ‏.‏

و قال شريك القاضى – رحمة الله تعالي – و ذكر المرجئة فقال ‏:‏ ‏”‏ هم اخبث قوم ‏,‏ حسبك بالرفض خبثا ‏,‏ و لكن المرجئة يكذبون علي الله ‏”‏ ‏.‏

وقال سفيان الثورى – رحمة الله تعالي – ‏:‏ ‏”‏ تركت المرجئة الاسلام ارق من ثوب سابرى ‏”‏ ‏[‏ الفتاوي ‏:‏ 7/394 – 395 ‏]‏

و عن سعيد بن جبير – رحمة الله تعالي – ‏:‏ ‏”‏ ان المرجئة يهود اهل القبلة ‏,‏ و صابئة هذة الامة ‏”‏ ‏[‏ رواة ابن بطة و غيرة ‏]‏

* لوازم الارجاء الباطلة ‏:‏

و انما عظمت اقوال السلف فالارجاء ‏,‏ لجرم اثارة ‏,‏ و لوازمة الباطلة ‏,‏ و ربما تتابع علماء السلف علي كشف اثارة السيئة علي الاسلام و المسلمين ‏.‏

قال الامام احمد – رحمة الله تعالي – فالرد علي المرجئة ‏:‏ ‏”‏ و يلزمة ان يقول ‏:‏ هو مؤمن باقرارة ‏,‏ و ان اقر بالزكاة فالجملة و لم يجد فكل ما ئتى درهم خمسة ‏:‏ انه مؤمن ‏,‏ فيلزمة ان يقول ‏:‏ اذا اقر بعدها شد الزنار فو سطة ‏,‏ و صلي للصليب ‏,‏ و اتي الكنائس و البيع ‏,‏ و عمل الكبائر كلها ‏,‏ الا انه فذلك مقر بالله ‏,‏ فيلزمة ان يصبح عندة مؤمنا ‏.‏ و هذة الحاجات من اشنع ما يلزمهم ‏”‏ انتهي ‏.‏

ثم قال بعدة شيخ الاسلام ابن تيمية – رحمة الله تعالي – ‏:‏ ‏”‏ قلت ‏:‏ ذلك الذي ذكرة الامام احمد من اقوى ما احتج الناس بة عليهم ‏,‏ جمع فذلك جملا يقول غيرة بعضها ‏.‏ و ذلك الالزام لا محيد لهم عنة ‏.‏‏.‏ ‏”‏ انتهي ‏[‏ الفتاوي 7/401 ‏]‏

ثم ان هذة اللوازم السيئة علي قول المرجئة التي ذكرها الامام احمد ‏,‏ بسطها شيخ الاسلام ابن تيمية – رحمة الله تعالي – ف‏”‏ الفتاوي ‏:‏ 7/188-190 ‏”‏ ‏.‏

ثم قال الامام ابن القيم – رحمة الله تعالي – ف‏:‏ ‏”‏ النونية ‏”‏ ناظما لاثار الارجاء و لوازمة الباطلة هذة ‏:‏

وايضا الارجاء حين تقر بال **معبود تصبح كامل الايمان

فارم المصاحف فالحشوش و خرب ال ** بيت =العتيق و جد فالعصيان

واقتل اذا ما استطعت جميع موحد ** و تمسحن بالقس و الصلبان

واشتم كل المرسلين و من اتوا **من عندة جهرا بلا كتمان

واذا رايت حجارة فاسجد لها ** بل خر للاصنام و الاوثان

و اقر ان رسولة حقا اتي ** من عندة بالوحى و القران

فتكون حقا مؤمنا و كل ذا ** و زر عليك و ليس بالكفران

هذا هو الارجاء عند غلاتهم ** من جميع جهمى اخى شيطان

وقال – رحمة الله تعالي – ف‏:‏ اعلام الموقعين ‏:‏ فبيان تناقض الارئتية ‏:‏ ‏”‏ و من العجب اخراج الاعمال عن مسمي الايمان ‏,‏ و انه مجرد التصديق ‏,‏ و الناس فية سواء ‏,‏ و تكفير من يقول ‏:‏ مسيجد ‏,‏ او فقية ‏,‏ او يصلى بلا و ضوء او يلتذ بالات الملاهى ‏,‏ و نحو هذا ‏”‏ انتهي ‏.‏

وكشف عن اثار الارجاء و لوازمة الباطلة الحافظ ابن حجر – رحمة الله تعالي – ‏[‏ فتح البارى ‏”‏11/270 ‏.‏ و انظر فيض القدير ‏:‏ 6/159 ‏.‏ و اصلة فشرح المشكاة للطيبى ‏:‏ 2/477 ‏]‏ ‏:‏ ‏”‏ قال الطيبى ‏:‏ قال بعض المحققين ‏:‏ و ربما يتخذ من امثال هذة الاحاديث المبطلة ذريعة الي طرح التكاليف و ابطال العمل ‏,‏ ظنا ان ترك الشرك كاف ‏!‏‏!‏ و ذلك يستلزم طى بساط الشريعة و ابطال الحدود ‏,‏ و ان الترغيب فالطاعة و التحذير من المعصية لا تاثير له ‏,‏ بل يقتضى الانخلاع عن الدين ‏,‏ و الانحلال عن قيد الشريعة ‏,‏ و الخروج عن الضبط ‏,‏ و الولوج فالخبط ‏,‏ و ترك الناس سدي مهملين ‏,‏ و هذا يفضى الي خراب الدنيا بعد ان يفضى الي خراب الاخري ‏,‏ مع ان قولة فبعض طرق الحديث ‏:‏ ‏”‏ ان يعبدوة ‏”‏ يتضمن كل نوعيات التكاليف الشرعية ‏,‏ و قولة ‏:‏ ‏”‏ و لا يشركوا بة شيئا ‏”‏ يشمل مسمي الشرك الجلى و الخفى ‏,‏ فلا راحة للتمسك بة فترك العمل ‏,‏ لان الاحاديث اذا ثبتت و جب ضم بعضها الي بعض ‏,‏ فانها فحكم الحديث الواحد ‏,‏ فيحمل مطلقها علي مقيدها ليحصل العمل بجميع ما فمضمونها ‏.‏ و بالله التوفيق ‏”‏ انتهي ‏.‏

وفى كتاب ‏”‏ صفوة الاثار و المفاهيم ‏”‏ ففائدة قول الله تعالي ‏:‏ ‏{‏ اياك نعبد و اياك نستعين ‏}‏ قال مبينا ان القول بالارجاء دسيسة يهودية و غاية ما سونية ‏[‏ 1/187 للشيخ عبد الرحمن الدوسرى – رحمة الله تعالي – ‏]‏ ‏:‏

‏”‏ التاسع و الثمانون بعد المائة ‏:‏ تعليم الله لعبادة الضراعة الية ب ‏{‏ اياك نعبد و اياك نستعين ‏}‏ اعلام صريح بوجوب الصلة بين الايمان و العمل ‏,‏ و انه لا يستقيم الايمان بالله و لا تصح دعواة الا بتحقيق مقتضيات عبوديتة ‏,‏ التي هى العمل بطاعتة ‏,‏ و تنفيذ شريعتة ‏,‏ و اخلاص القصد لوجهة الكريم ‏,‏ و الانشغال بمرضاتة ‏,‏ و العمل المتواصل لنصرة دينة ‏,‏ و الدفع بة الي الامام بجميع القوي المطلوبة ؛ ليرتفع بدين الله عن الصورة الي الحقيقة ‏,‏ و ان المسلم لا يجوز له الااثناء بذلك ‏,‏ و لا لحظة و احدة ‏.‏

وان الدعوات لمجرد ايمان خال من العمل هى افك و خداع و تلبيس ‏,‏ بل هى من دس اليهود علي ايدى الجهمية ‏,‏ و فروعها من المرجئة كالماسونية ‏,‏ و غيرهم ‏,‏ اذ متي انفصمت الصلة بين الايمان و العمل ، فلن نستطيع ان نبنى قوة روحية نقدر علي نشرها و الدفع بمدها فانحاء المعمورة ‏,‏ بل اذا انفصمت الصلة بين الايمان و العملفقد المسلم قوتة الروحية ‏,‏ و صار و جودة مهددا بالخطر ‏,‏ الذي يزيل شخصيتة او يذيبها فبوتقة غيرة ‏,‏ لانة لا يستطيع ان ينمى قوة روحية يصمد فيها امام اعدائة ‏,‏ فضلا عن ان يزحف فيها عليهم ‏”‏ انتهي ‏.‏

وبالجملة فهذان المذهبان ‏:‏ مذهب الخوارج و مذهب المرجئة ‏,‏ باطلان ‏,‏ مرديان ، اثرا ضلالا فالاعتقاد ‏,‏ و ظلما للعباد ، و خرابا للديار ‏,‏ و اشعالا للفتن ‏,‏ و وهاء فالمد الاسلامى ‏,‏ و هتكا لحرماتة و ضرورياتة ‏,‏ الي غير هذا من المفاسد و الاضرار التي يجمعها الخروج علي ما دلت علية نصوص الوحيين الشريفين ، و الجهل بدلائلها تارة ، و سوء الفهم لها تارة اخري و توظيفها فغير ما دلت علية ‏,‏ و بتر كلام العالم تارة ‏,‏ و الاخذ بمتشابة قولة تارة اخري ‏.‏

وقد هدي الله ‏(‏ جماعة المسلمين ‏)‏ اهل السنة و الجماعة – الذين محضوا الاسلام و لم يشوبوة بغيرة – الي القول الحق ‏,‏ و المذهب العدل ‏,‏ و المعتقد الوسط بين الافراط و التفريط مما قامت علية دلائل الكتاب و السنة ، و مضي علية سلف الامة من الصحابة – رضى الله عنهم – و التابعين لهم باحسان الي يومنا ذلك ‏,‏ و ربما بينة علماء الاسلام فكتب الاعتقاد ‏,‏ و ف‏(‏ باب حكم المرتد ‏)‏ من كتب فقة الشريعة المطهرة ‏,‏ من ان الايمان ‏:‏ قول باللسان ، و اعتقاد بالقلب ‏,‏ و عمل بالجوارح ‏,‏ يزيد بالطاعة ‏,‏ و ينقص بالمعصية و لا يزول فيها ‏,‏ فجمعوا بين نصوص الوعد و الوعيد و نزلوها منزلتها ‏,‏ و ان الكفر يصبح بالاعتقاد و بالقول و بالفعل و بالشك و بالترك ‏,‏ و ليس محصورا بالتكذيب بالقلب كما تقولة المرجئة ‏,‏ و لا يلزم من زوال بعض الايمان زوال كلة كما تقولة الخوارج ‏.‏

و اختم ذلك الفصل بكلام جامع لابن القيم – رحمة الله تعالي – فكتاب ‏:‏ ‏”‏ الفائدة ‏”‏ بين فية اراء من ضل فمعرفة حقيقة الايمان ‏,‏ بعدها ختمة ببيان الحق فذلك ‏,‏ فقال – رحمة الله تعالي – ‏:‏

‏”‏ و اما الايمان ‏:‏ فاكثر الناس او كلهم يدعونة ‏{‏ و ما اكثر الناس و لو حرصت بمؤمنين ‏}‏ ‏[‏ يوسف/103 ‏]‏ و اكثر المؤمنين انما عندهم ايمان مجمل ‏,‏ و اما الايمان المفصل بما جاء بة الرسول صلي الله علية و سلم معرفة و علما و اقرارا و محبة ‏,‏ و معرفة بضدة و كراهيتة و بغضة ‏,‏ فهذا ايمان خواص الامة و خاصة الرسول ‏,‏ و هو ايمان الصديق و حزبة ‏.‏

وعديد من الناس حظهم من الايمان الاقرار بوجود الصانع ‏,‏ و انه و حدة هو الذي خلق السماوات و الارض و ما بينهما ‏,‏ و ذلك لم يكن ينكرة عباد الاصنام من قريش و نحوهم ‏.‏

و اخرون الايمان عندهم التكلم بالشهادتين سواء كان معة عمل او لم يكن ‏,‏ و سواء رافق تصديق القلب او خالفة ‏.‏

و اخرون عندهم الايمان مجرد تصديق القلب بان الله سبحانة خالق السماوات و الارض و ان محمدا عبدة و رسولة ‏,‏ و ان لم يقر بلسانة و لم يعمل شيئا ‏,‏ بل و لو سب الله و رسولة و اتي بكل عظيمة ‏,‏ و هو يعتقد و حدانية الله و نبوة رسولة فهو مؤمن ‏.‏

و اخرون عندهم الايمان هو جحد صفات الرب تعالي من علوة علي عرشة ‏,‏ و تكلمة بكلماتة و كتبة ‏,‏ و سمعة و بصرة و مشيئتة و قدرتة و ارادتة و حبة و بغضة ‏,‏ و غير هذا مما و صف بة نفسة ‏,‏ و وصف بة رسولة ‏,‏ فالايمان عندهم انكار حقائق هذا كلهوجحدة ‏,‏ و الوقوف مع ما تقتضية اراء المتهوكين و افكار المخرصين الذين يرد بعضهم علي بعض ‏,‏ و ينقض بعضهم قول بعض ‏,‏ الذين هم كما قال عمر بن الخطاب و الامام احمد ‏:‏ مختلفون فالكتاب ‏,‏ مخالفون للكتاب متفقون علي مفارقة الكتاب ‏.‏

و اخرون عندهم الايمان عبادة الله بحكم اذواقهم و مواجيدهم و ما تهواة نفوسهم من غير تقييد بما جاء بة الرسول ‏.‏

و اخرون الايمان عندهم ما و جدوا علية اباءهم و اسلافهم بحكم الاتفاق كائنا ما كان ‏,‏ بل ايمانهم مبنى علي مقدمتين ‏:‏ احداهما ‏:‏ ان ذلك قول اسلافنا و ابائنا ‏,‏ و الثانية = ‏:‏ ان ما قالوة فهو الحق ‏.‏

و اخرون عندهم الايمان مكارم الاخلاق و حسن المعاملة و طلاقة الوجة و احسان الظن بكل احد ‏,‏ و تخلية الناس و غفلاتهم ‏.‏

و اخرون عندهم الايمان التجرد من الدنيا و علائقها و تفريغ القلب منها و الزهد بها ‏,‏ فاذا راوا رجلا كذا جعلوة من سادات اهل الايمان و ان كان منسلخا من الايمان علما و عملا ‏.‏

و اعلي من هؤلاء من جعل الايمان هو مجرد العلم و ان لم يقارنة عمل ‏.‏

وكل هؤلاء لم يعرفوا حقيقة الايمان و لا قاموا بة و لا قام بهم ‏,‏ و هم نوعيات ‏:‏

منهم من جعل الايمان ما يضاد الايمان ‏.‏

ومنهم من جعل الايمان ما لا يعتبر فالايمان ‏.‏

ومنهم من جعلة ما هو شرط فية و لا يكفى فحصولة ‏.‏

ومنهم من اشترط فثبوتة ما يناقضة و يضادة ‏.‏

ومنهم من اشترط فية ما ليس منة بوجة ‏.‏

و الايمان و راء هذا كلة ‏,‏ و هو حقيقة مركبة من معرفة ما جاء بة الرسول صلي الله علية و سلم علما و التصديق بة عقدا و الاقرار بة نطقا و الانقياد له محبة و خضوعا ‏,‏ و العمل بة باطنا و ظاهرا ‏,‏ و تنفيذة و الدعوة الية بحسب الامكان ‏,‏ و كمالة فالحب فالله و البغض فالله ‏,‏ و العطاء للة و المنع للة ‏,‏ و ان يصبح الله و حدة الهة و معبودة ‏,‏ و الطريق الية ‏:‏ تجريد متابعة رسولة ظاهرا و باطنا ‏,‏ و تغميض عين القلب عن الالتفات الي سوي الله و رسولة ‏.‏ و بالله التوفيق ‏”‏ انتهي ‏.‏

الفصل الخامس‏:‏ الاصول و الضوابط فمسالة التكفير

ونظرا لما حصل من تسرب المذهبين المذكورين المخالفين لمذهب اهل السنة الي عقائد بعض المعدودين من اهل السنة ، و خفاء اصول هذة المسالة شرعا علي اخرين ؛ رايت ايضاح ما يجب اعتبارة شرعا فهذة المسالة مما يعرف بة الحق بدليلة ‏,‏ و بطلان ما خالفة من المذاهب المردية ‏,‏ و الاتجاهات الفكرية الضالة ‏,‏ و انها مسالة خطيرة ‏,‏ و عظيمة ‏,‏ محاطة شرعا بما يحفظ للاسلام حرمتة ‏,‏ و للمسلمين حرمتهم ‏,‏ و هذا فيما ياتى ‏:‏

1- التكفير حكم شرعى لا مدخل للراى المجرد فية ‏,‏ لانة من المسائل الشرعية لا العقلية ‏,‏ لذلك صار القول فية من خالص – حق الله تعالي – لا حق فية لاحد من عبادة ، فالكافر من كفرة الله تعالي و رسولة صلي الله علية و سلم لا غير ‏.‏

وايضا الحكم بالفسق ، و الحكم بالعدالة ، و عصمة الدم ، و السعادة فالدنيا و الاخرة ، جميع هذة و نحوها من المسائل الشرعية ‏,‏ لا مدخل للراى بها ‏,‏ و انما الحكم بها للة و لرسولة صلي الله علية و سلم ‏,‏ و هى المعروفة فكتب الاعتقاد باسم ‏:‏ ‏”‏ مسائل الاسماء و الاحكام ‏”‏ ‏.‏

2- للحكم بالردة و الكفر موجبات و سبب هى نواقض الايمان و الاسلام ، من اعتقاد ‏,‏ او قول ‏,‏ او فعل ‏,‏ او شك ‏,‏ او ترك ، مما قام علي اعتبارة ناقضا الدليل الواضح ‏,‏ و البرهان الساطع من الكتاب او السنة ‏,‏ او الاجماع ‏,‏ فلا يكفى الدليل الضعيف السند ‏,‏ و لا مشكل الدلالة ، و لا عبرة بقول احد كائنا من كان اذا لم يكن لقولة دليل صريح صحيح ‏.‏

وقد اوضح العلماء – رحمهم الله تعالي – هذة الاسباب فكتب الاعتقاد ‏,‏ و فرعوا مسائلها ف‏:‏ ‏”‏ باب حكم المرتد ‏”‏ من كتب الفقة ‏.‏

واولوها اعتناء فائقة ‏,‏ لانها من استبانة سبيل الكافرين ، و الله – تعالي – يقول ‏:‏ ‏{‏ و ايضا نفصل الايات و لتستبين سبيل المجرمين ‏}‏ ‏[‏ الانعام/55 ‏]‏ ‏.‏

وفى استبانة سبيل المجرمين ‏:‏ تحذير للمسلم من الوقوع فشيء منها ، و هو لا يشعر ‏,‏ و ليتبين له الاسلام من الكفر ، و الخطا من الصواب و يصبح علي بصيرة فدين الله تعالي ‏.‏

وبقدر ما يحصل من الجهل بسبيل المؤمنين ، و بسبيل الكافرين ، او باحدهما يحصل اللبس و يكثر الخلط ‏.‏

وكما ان للحكم بالردة و الكفر موجبات و اسبابا فلة شروط و موانع ‏.‏

فيشترط اقامة الحجة الرسالية التي تزيل الشبهة ‏.‏

وخلوة من الموانع كالتاويل ‏,‏ و الجهل ‏,‏ و الخطا ‏,‏ و الاكراة ‏.‏

وفى بعضها تفاصيل مطولة معلومة فمحلها ‏.‏

3- يتعين التفريق بين التكفير المطلق و هو ‏:‏ التكفير علي و جة العموم فحق من ارتكب ناقضا من نواقض الاسلام ، و بين تكفير المعين ، فان الاعتقاد ، او القول ، او الفعل ، او الشك ، او الترك ، اذا كان كفرا فانة يطلق القول بتكفير من فعل هذا الفعل ، او قال تلك المقالة و كذا ‏.‏‏.‏‏.‏ دون تحديد معين بة ‏.‏ اما المعين اذا قال هذة المقالة ، او فعل ذلك الفعل الذي يصبح كفرا ‏,‏ فينظر قبل الحكم بكفرة ‏,‏ بتوفر الشروط ‏,‏ و انتفاء الموانع فحقة ، فاذا توفرت الشروط ‏,‏ و انتفت الموانع ، حكم بكفرة و ردتة فيستتاب فان تاب و الا قتل شرعا ‏.‏

4- الحق عدم تكفير جميع مخالف لاهل السنة و الجماعة لمخالفتة ‏,‏ بل ينزل حكمة حسب مخالفتة من كفر ، او بدعة او فسق او معصية ‏.‏

وهذا ما جري علية اهل السنة و الجماعة من عدم تكفير جميع من خالفهم و هو يدل علي ما لديهم بحمدالله من العلم و الايمان و العدل و الرحمة بالخلق ، و ذلك بخلاف اهل الاهواء ، فان كثيرا منهم يكفرون جميع من خالفهم ‏.‏

5- كما ان ‏”‏الايمان‏”‏ شعب متعددة و رتبها متفاوتة اعلاها قول ‏”‏لا الة الا الله‏”‏ و ادناها ‏:‏ اماطة الاذي عن الطريق، و الحياء شعبة من الايمان ، فايضا ‏”‏الكفر‏”‏ الذي هو فمقابلة الايمان ، ذو شعب متعددة ، و رتب متفاوتة اشنعها ‏”‏الكفر المخرج من الملة ‏”‏ ك‏:‏ الكفر بالله ، و تكذيب ما جاء بة النبى صلي الله علية و سلم ‏.‏

وهنالك كفر دون كفر ، و منة تسمية بعض المعاصى كفرا ‏.‏

ولهذا نبة علماء التفسير ، و الوجوة و النظائر فكتاب الله – تعالى- و شراح الحديث و المؤلفون في‏:‏ ‏”‏لغته‏”‏ و فالاسماء المشتركة ، و المتواطئة ، ان لفظ ‏”‏الكفر‏”‏ جاء فنصوص الوحيين ، علي و جوة عدة ‏:‏ ‏”‏الكفر الناقل عن الملة ‏”‏ و ‏”‏كفر دون كفر‏”‏ و ‏”‏كفر النعمة ‏”‏ و ‏”‏التبرؤ‏”‏ و ‏”‏الجحود‏”‏ و ‏”‏التغطية ‏”‏ علي اصل معناة اللغوى ‏.‏

وبناء علي ذلك ‏:‏ فانة لا يلزم من قيام شعبة من شعب الكفر بالعبد ، ان يصير كافرا الكفر المطلق ، الناقل عن الملة ، حتي يقوم بة اصل الكفر ، بناقض من نواقض الاسلام ‏:‏ الاعتقادية او القولية او العملية عن الله و رسولة صلي الله علية و سلم لا غير ‏.‏

كما انه ليس جميع من قام بة شعبة من شعب الايمان يصبح مؤمنا حتي يقوم بة اصل الايمان ‏.‏

فالواجب و ضع النصوص فمواضعها و تفسيرها حسب المراد منها من العلماء العاملين الراسخين ، و ان الغلط هنا انما يحصل من جهة العمل و تفسير النصوص و علي الناصح لنفسة ان يحس بخطورة الامر و دقتة و ان يقف عند حدة و يكل العلم الي عالمة ‏.‏

6- اصدار الحكم بالتكفير لا يصبح لكل احد من احاد الناس او جماعاتهم و انما مرد الاصدار الي العلماء الراسخين فالعلم الشرعى المشهود لهم بة ، و بالخيرية و الفضل الذين اخذ الله عليهم العهد و الميثاق ان يبلغوا الناس ما علموة و ان يبينوا لهم ما اشكل عليهم من امر دينهم امتثالا لقول الله تعالي ‏(‏واذ اخذ الله ميثاق الذي اوتوا الكتاب لتبيننة للناس و لا تكتمونه‏)‏ ‏”‏ال عمران/187‏”‏ ‏.‏ و قولة سبحانة ‏(‏ان الذين يكتمون ما انزلنا من البينات و الهدي من بعد ما بيناة للناس فالكتاب اولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون‏)‏ ‏”‏البقرة /159‏”‏ و قولة سبحانة ‏:‏ ‏(‏ فاسالوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون‏)‏ ‏”‏النحل/43‏”‏ ‏.‏

فما امر الله بالسؤال حتي اخذ سبحانة العهد و الميثاق علي العلماء بالبيان ‏.‏

7- التحذير الشديد ، و النهى الاكيد عن سوء الظن بالمسلم فضلا عن النيل منة فكيف بتكفيرة و الحكم بردتة و التسرع فذلك بلا حجة و لا برهان من كتاب و لا سنة ‏.‏

ولهذا جاءت نصوص الوحيين الشريفين محذرة من تكفير احد من المسلمين و هو ليس ايضا كما قال الله تعالي ‏(‏يا ايها الذين امنوا اذا ضربتم فسبيل الله فتبينوا و لا تقولوا لمن القي اليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة ايضا كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا ان الله كان بما تعلمون خبيرا ‏)‏ ‏”‏النساء/94‏”‏ ‏.‏

وفى عموم قول الله سبحانة ‏:‏ ‏(‏والذين يؤذون المؤمنين و المؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا و اثما مبينا‏)‏ ‏”‏الاحزاب/58‏”‏ ‏.‏

وقد تواترت الاحاديث النبوية فالنهى عن تكفير المسلم بغير حق ، منها ‏.‏‎‏:‏

حديث ابى ذر -رضى الله عنه- انه سمع النبى صلي الله علية و سلم يقول ‏”‏لا يرمى رجل رجلا بالفسوق ، و لا يرمية بالكفر ،الا ارتدت علية ان لم يكن صاحبة ايضا ‏”‏ متفق علي صحتة ‏.‏

وعن ابن عمر -رضى الله عنهما -ان رسول الله صلي الله علية و سلم قال ‏:‏ايما رجل قال لاخية ‏:‏يا كافر فقد باء فيها احدهما ‏”‏ متفق علي صحتة ‏.‏

وعن ابى ذر – رضى الله عنة – انه سمع رسول الله صلي الله علية و سلم يقول ‏”‏ومن دعا رجلا بالكفر ، او قال ‏:‏ عدو الله ، و ليس ايضا ، الا حار علية ‏”‏ متفق علي صحتة ‏.‏

ومعني حار علية ‏:‏ رجع علية ‏.‏

وفى حديث ثابت بن الضحاك -رضى الله عنه- ان النبى صلي الله علية و سلم قال ‏:‏ ‏”‏ومن رمي مؤمنا بكفر فهو كقتله‏”‏ رواة البخارى فصحيحة ‏.‏

فهذة النصوص و غيرها بها الوعيد الشديد لمن كفر احدا من المسلمين و ليس هو ايضا ، و ذلك و الله اعلم – لما فاطلاق الكفر بغير حق علي المؤمن من الطعن فنفس الايمان ، كما ان بها التحذير من اطلاق التكفير الا ببينة شرعية ، اذ هو حكم شرعى لا يصار الية الا بالدليل ، لا بالهوي و الراى العاطل من الدليل ‏.‏

وهذة الحماية الكريمة و الحصانة العظيمة للمسلمين فاعراضهم و اديانهم من اصول الاعتقاد فملة الاسلام ‏.‏

بناء علي كل ما تقدم فليحذر المسلم ان يخوض مع الخائضين فهذا الامر الخطير فالمجالس الخاصة ، و المجتمعات العامة ، و فالصحف و المجلات و غيرها ، من غير قدرة شرعية و لا قواعد علمية و لا ادلة قطعية فهذا تصرف ياباة الله و رسولة و المؤمنون ، و فاعلة ما زور غير ما جور ، فالله تعالي ، يقول ‏:‏‏(‏ و لا تقف ما ليس لك بة علم ان السمع و البصر و الفؤاد جميع اولئك كان عنة مسؤولا ‏)‏ ‏”‏الاسراء/36‏”‏ ‏.‏

ويقول -سبحانه- ‏:‏ ‏(‏قل انما حرم ربى الفواحش ما ظهر منها و ما بطن و الاثم و البغى بغير الحق و ان تشركوا بالله ما لم ينزل بة سلطانا و ان تقولوا علي الله ما لا تعلمون ‏)‏ ‏”‏الاعراف

وبذلك يصبح المسلم فما من من الاثم و التبعة فالدارين ، و تسلم المجتمعات الاسلامية من مظاهر الانحراف التي سببها الجهل و الميل الي الهوي ‏.‏ و الله المستعان ‏.‏

وفى ذلك الفصل نقض لمذهب الخوارج فغلوهم و افراطهم ‏.‏

الفصل السادس‏:‏ فانواع الكافرين و كفرهم

لا يجوز لمسلم التحاشى عن تكفير من كفرهم الله تعالي و رسولة صلي الله علية و سلم لما فية من تكذيب للة تعالي و لرسولة صلي الله علية و سلم ‏.‏

والكفار علي صنفين ‏:‏

الصنف الاول ‏:‏ الكفار كفرا اصليا ، و هم جميع من لم يدخل فدين الله ‏:‏ ‏(‏الاسلام‏)‏ الذي بعث الله بة نبية محمدا صلي الله علية و سلم من اليهود و النصاري و الدهريين و الوثنين و غيرهم من امم الكفر الذين قال الله تعالي فيهم ‏(‏قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله و لا باليوم الاخر و لا يحرمون ما حرم الله و رسولة و لا يدينون دين الحق من الذين اوتوا الكتاب حتي يعطوا الجزية عن يد و هم صاغرون‏)‏ التوبة /29‏.‏

والذين قال الله فيهم ‏(‏لقد كفر الذين قالوا ان الله ثالث ثلاثة ‏)‏ المائدة /73‏.‏

والذين قال الله فيهم ‏:‏‏(‏ لم يكن الذين كفروا من اهل الكتاب و المشركين منفكين حتي تاتيهم البينة ‏)‏ البينة /1 ‏.‏

والذين قال الله فيهم ‏:‏ ‏(‏ان الذين يكفرون بالله و رسلة و يريدون ان يفرقوا بين الله و رسلة و يقولون نؤمن ببعض و نكفر ببعض و يريدون ان يتخذوا بين هذا سبيلا اولئك هم الكافرون حقا و اعتدنا للكافرين عذابا مهينا‏)‏ النساء/150-151

وهؤلاء الكفار كفرا اصليا لا يفرق فالحكم عليهم بالكفر ، سواء كانوا افرادا او جماعات ، احياء و امواتا كما دلت علية نصوص الكتاب و السنة ‏.‏

وهؤلاء يجب علي المسلمين قتالهم متي استطاعوا حتي يدخلوا فالاسلام او يدفعوا الجزية ‏.‏

الصنف الثاني ‏:‏ المسلم الذي يرتد بعد اسلامة بارتكاب ناقض من نواقض الاسلام ، نعوذ بالله من هذا ، و من امثلة فالقران العظيم ‏:‏

كفر التكذيب ‏:‏ كما قال تعالي ‏:‏ ‏(‏ و الذين كذبوا باياتنا و لقاء الاخرة حبطت اعمالهم هل يجزون الا ما كانوا يعملون‏)‏ الاعراف/147 ‏.‏

ومثل كفر ‏:‏ المستهزئين بالله ، و رسولة ، و دينة ، الذين قال الله فيهم ‏(‏ولئن سالتهم ليقولن انما كنا نخوض و نلعب قل ابالله و اياتة و رسولة كنتم تستهزئون لا تعتذروا ربما كفرتم بعد ايمانكم ان نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بانهم كانوا مجرمين ‏)‏ التوبة /65-66‏.‏

ومثل كفر ‏:‏ من سب الله و رسولة و دينة ، فان السب ينافى التعظيم الواجب للة و لرسولة و لدينة و شرعة ، قال الله تعالي ‏(‏ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوي القلوب‏)‏ الحج/32 ‏.‏

ومثل كفر ‏:‏ الاباء و الاستكبار و الامتناع عن طاعة الله تعالي كما قال سبحانة عن ابليس ‏:‏ ‏(‏ابي و استكبر و كان من الكافرين‏)‏ البقرة /34 ‏.‏

وهذا النوع هو الغالب علي كفر اعداء الرسل ‏.‏

ومثل كفر ‏:‏ الاعراض عن دين الله تعالي كما قال سبحانة ‏(‏والذين كفروا عما انذروا معرضون‏)‏ الاحقاف/3 ‏.‏

ومثل الكفر ‏:‏ بالقول كما قال تعالي ‏(‏ولئن سالتهم ليقولن انما كنا نخوض و نلعب قل ابالله و اياتة و رسولة كنتم تستهزئون ‏.‏ لا تعتذروا ربما كفرتم بعد ايمانكم ‏)‏ التوبة /65-66 ‏.‏

وكما قال سبحانة ‏:‏ ‏(‏ و لقد قالوا كلمة الكفر و كفروا بعد اسلامهم ‏)‏التوبة /74 ‏.‏ اذ قالوا ‏:‏ ‏(‏ليخرجن الاعز منها الاذل ‏)‏ المنافقون/8 ‏.‏

ومنة قول المنافقين فغزاة تبوك ‏:‏ ‏(‏ما راينا كقرائنا هؤلاء- يعنون النبى صلي الله علية و سلم و اصحابة رضى الله عنهم- ارغب بطونا، و اكذب السنا ، و اجبن عند اللقاء ‏)‏ ‏.‏

ومنة صرف الدعاء لغير الله و الاستغاثة بالاموات ‏.‏

ومثل الكفر ‏:‏ بالعمل كما قال الله تعالي ‏:‏ ‏(‏قل ان صلاتى و نسكى و محياى و مماتى للة رب العالمين لا شريك له و بذلك امرت و انا اول المسلمين ‏)‏ الانعام /162-163 ‏.‏ فالسجود لغير الله و الذبح لغير الله ، شرك و كفر بالله ‏.‏

ومن الكفر العملى ‏:‏ السحر كما قال الله تعالي ‏(‏ و ما كفر سليمان و لكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر‏)‏ البقرة /102‏.‏

وذلك لما فية من استعمال الشياطين و التعلق بهم و دعوي علم الغيب و دعوي مشاركة الله فذلك قال الله تعالي ‏(‏ولقد علموا لمن اشتراة ما له فالاخرة من خلاق ‏)‏ البقرة /102 ‏.‏

ولان السحر شرك و كفر ادخلة العلماء المصنفون ف‏:‏ ‏(‏التوحيد و ابوابه‏)‏ فانواع الشرك ، للتحذير منة ، و بيان انه من نواقض التوحيد ‏.‏

ومثل الكفر ‏:‏ بالاعتقاد و الشك ، كما قال الله تعالي ‏(‏انما المؤمنون الذين امنوا بالله و رسولة بعدها لم يرتابوا و جاهدوا باموالهم و انفسهم فسبيل الله اولئك هم الصادقون ‏)‏ الحجرات/15 ‏.‏وقال سبحانه‏:‏ ‏(‏انما يستاذنك الذين لا يؤمنون بالله و اليوم الاخر و ارتابت قلوبهم فهم فريبهم يترددون ‏)‏ التوبة /45 ‏.‏

وقال عز من قائل ‏(‏ودخل جنتة هو ظالم لنفسة قال ما اظن ان تبيد هذة ابدا ‏.‏ و ما اظن الساعة قائمة و لئن رددت الي ربى لاجدن خيرا منها منقلبا ‏.‏ قال له صاحبة و هو يحاورة اكفرت بالذى خلقك من تراب بعدها من نطفة بعدها سواك رجلا ‏)‏ الكهف/35-37 ‏.‏

فكل هؤلاء ربما كفرهم الله و رسولة بعد ايمانهم باقوال و افعال صدرت منهم و لو لم يعتقدوها بقلوبهم ‏.‏ لا كما يقول المرجئة المنحرفون ، نعوذ بالله من هذا ‏.‏

مع العلم ان الحكم بكفر المعين المتلبس بشيء من هذة النواقض المذكورة موقوف علي توافر الشروط و انتفاء الموانع فحقة كما هو مقرر معلوم ، و تقدم ‏.‏

وفى ذلك الفصل نقض لمذهب المرجئة فتقصيرهم و تفريطهم ‏.‏

الفصل السابع‏:‏ فتذكير الامة بحقوق الراعى و الرعية

ومن المناسب ههنا تذكير الامة جمعاء بحقوق الراعى و الرعية فكل بلد ديني ، اذ ان الخلل فالقيام بهذة الحقوق ، لا بد ان ينتج منة اثار سيئة غير مرضية ، و امراض فكرية تخرج فحياة الفرد و الجماعة فاقول ‏:‏

من و لي شيئا من امور المسلمين فان اعظم ما يجب علية ان يسوس الرعية بالكتاب و السنة و ينشر التوحيد من مشكاتهما و يزيل ما يناقضة من مظاهر الشرك و الوثنية و يحكم بين الناس بهما اقامة للعدل بينهم و لا احكم و لا اعدل و لا اصلح للناس من شريعة ربهم ، ففيها العدل و الرحمة و الشفاء لما فالصدور كما قال الله جل و علا ‏(‏يا ايها الناس ربما جاءتكم موعظة من ربكم و شفاء لما فالصدور و هدي و رحمة للمؤمنين ‏)‏ يونس/57 ‏.‏

وقال سبحانة ‏(‏ومن اقوى من الله حكما لقوم يوقنون‏)‏ المائدة /50 ‏.‏ و قال تعالي ‏(‏ثم جعلناك علي شريعة من الامر فاتبعها و لا تتبع اهواء الذين لا يعلمون ‏)‏ الجاثية /18 ‏.‏

وان تحكيم شرع الله تعالي من اعظم الواجبات قال سبحانة ‏(‏فلا و ربك لا يؤمنون حتي يحكموك فيما شجر بينهم بعدها لا يجدوا فانفسهم حرجا مما قضيت و يسلموا تسليما‏)‏ النساء/65 ‏.‏

وهو كذلك من اجل نوعيات العبادة قال الله تعالي ‏(‏ان الحكم الا للة امر ان لا تعبدوا الا اياة هذا الدين القيم و لكن اكثر الناس لا يعلمون ‏)‏ يوسف/40 ‏.‏

وقال جميع رسول لقومة ‏:‏ ‏(‏ اعبدوا الله ما لكم من الة غيره‏)‏الاعراف/36 ‏.‏وجعل الله سبحانة الحكم بغير ما انزلة شركا فعبادتة و شركا فحكمة فقال تعالي ‏(‏ولا يشرك فحكمة احدا‏)‏ الكهف/26 ‏.‏

وقال عز من قائل ‏(‏ام لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم ياذن بة الله ‏)‏ الشورى/21 ‏.‏

وقال سبحانة ‏(‏فمن كان يرجو لقاء ربة فليعمل عملا صالحا و لا يشرك بعبادة ربة احدا‏)‏ الكهف /110‏.‏

كما يجب علي جميع و ال السعى فيما يصلح رعيتة و يدفع المضار عنهم و يطهر مجتمعاتهم من الحكم بغير ما انزل الله تعالي و من سائر الموبقات و المحرمات كالخمر و البغاء و الربا و القمار و غيرها قال النبى صلي الله علية و سلم ‏(‏ما من عبد يسترعية الله رعية يموت يوم يموت و هو غاش لرعيتة الا حرم الله علية الجنة ‏)‏ متفق علي صحتة ‏.‏

ومما يجب التنبة له و التحذير و الحذر منة ‏:‏ ان علي من بسط الله يدة ، ان يكف عن المسلمين تلك السموم التي تقذف فيها بعض القنوات الاعلامية فبعض البلاد ‍‍‍‍‍‍‍‍‏!‏‏!‏ و علي و جة الخصوص هذا التركيز الخبيث علي تغريب المجتمعات المسلمة فاخلاقهم و لباسهم و غدوهم و رواحهم و بخاصة اخراج المراة من عفتها و طهارتها و حجابها الي احط دركات السفالة ، و التبذل و الحيوانية فشتي و جوة ‏(‏الاباحية ‏)‏ ‏.‏

وتعمل تلك القنوات جاهدة علي التشكيك فالاعتقاد الاسلامى الحق و الاعتراض علي احكام الله المحكمة ، و السخرية بالله و اياتة و رسولة ، و الدعوة للاباحية و الانسلاخ من الدين ، و تمكين المنافقين باعلان ما يحيك فصدورهم و مجاهرة المضلين بمواضيع الكفر و التشكيك و الردة عن الدين جميع هذا باسم ‏:‏ حرية الفكر ‏!‏‏!‏ المناظرات المحايدة ‏!‏‏!‏ معرفة الراى الاخر ‏!‏‏!‏ قاتلهم الله انى يؤفكون ‏.‏

الا فليعلم اولئك ان كان لهم عقول و يحبون لانفسهم النجاة ان من فتح هذا الباب ، او اعان علية او رضى بة فلة نصيب من قول الله تعالي ‏:‏ ‏(‏قل ابالله و اياتة و رسولة كنتم تستهزؤون لا تعتذروا ربما كفرتم بعد ايمانكم ‏)‏ التوبة /65-66‏.‏ و قول الله جل شانة ‏(‏وقد نزل عليكم فالكتاب ان اذا سمعتم ايات الله يكفر فيها و يستهزا فيها فلا تقعدوا معهم حتي يخوضوا فحديث غيرة انكم اذا مثلهم ان الله جامع المنافقين و الكافرين فجهنم جميعا ‏)‏النساء/140 ‏.‏وقولة سبحانة ‏(‏ان الذين يحبون ان تشيع الفاحشة فالذين امنوا لهم عذاب اليم فالدنيا و الاخرة ‏)‏ النور/19 ‏.‏قال شيخ الاسلام ابن تيمية -رحمة الله تعالى- فخلال كلامة علي هذة الاية ‏:‏0وهذا ذم لمن يحب هذا و هذا يصبح بالقلب فقط ، و يصبح مع هذا باللسان و الجوارح ، و هو ذم لمن يتكلم بالفاحشة او يخبر فيها محبة لوقوعها فالمؤمنين ‏:‏ اما حسدا او بغضا ، و اما محبة للفاحشة و ارادة لها ، و كلاهما محبة للفاحشة و بغضا للذين امنوا ، فكل من احب فعلها ذكرها ‏)‏ الفتاوى15/332

وقال كذلك مستنبطا من اسرار التنزيل ما يعز نظيرة ‏:‏ ‏”‏ فكل عمل يتضمن محبة ان تشيع الفاحشة فالذين امنوا داخل فهذا ، بل يصبح عذابة اشد فان الله ربما توعد بالعذاب علي مجرد محبة ان تشيع الفاحشة بالعذاب الاليم فالدنيا و الاخرة و هذة المحبة ربما لا يقترن فيها قول و لا فعل فكيف اذا اقترن فيها قول او فعل ‏؟‏ بل علي الانسان ان يبغض ما ابغضة الله من فعل الفاحشة و القذف فيها و اشاعتها فالذين امنوا ، و من رضي عمل قوم حشر معهم كما حشرت امراة لوط معهم و لم تكن تعمل فاحشة اللواط ، فان هذا لا يقع من المراة لكنها لما رضيت فعلهم عمها العذاب معهم ‏.‏

فمن ذلك الباب قيل ‏:‏ من اعان علي الفاحشة و اشاعتها ، كالقواد الذي يقود النساء و الصبيان الي الفاحشة ، لاجل ما يحصل له من رياسة او سحت ياكلة ، و ايضا اهل الصناعات التي تنفق بذلك ‏:‏ كالمغنين ، و شربة الخمر و ضمان الجهات السلطانية و غيرها فانهم يحبون ان تشيع الفاحشة ليتمكنوا من دفع من ينكرها من المؤمنين ، خلاف ما اذا كانت قليلة خفيفة خفية ، و لا خلاف بين المسلمين ان ما يدعو الي معصية الله و ينهى عن طاعتة منهى عنة محرم ، بخلاف عكسة فانة و اجب ‏”‏ الفتاوي 15/344

كما يجب علي الراعى ان يسوس رعيتة بالرفق و للين ، و ان يجتهد فقضاء حوائجهم و ايصال الخير لهم بكل طريق فقد ثبت ان النبى صلي الله علية و سلم قال ‏:‏ ‏(‏اللهم من و لى من امر امتى شيئا فشق عليهم فاشقق علية و من و لى من امر امتى شيئا فرفق بهم فارفق بة ‏)‏ خرجة مسلم فصحيحة ‏.‏

كما يجب الاهتمام بمناهج التعليم السليمة فجميع اطوارة علي منهج الكتاب و السنة و ما علية صالح سلف هذة الامة و الزام الرعية بتعلم العقيدة الاسلامية الصافية من شوائب الانحراف و تعلم سائر احكام الدين ، و تقوية مناهجها فجميع مراحل التعليم ‏.‏

كما انه يجدر بحكام المسلمين اليوم ان يعيدوا لبيوت الله مجدها و عزها و وظيفتها فالاسلام ، فتقام بها الصلوات ، و تفتح حلقات الوعظ و التعليم للعلماء المصلحين ، ليبثوا علي الشريعة بين المسلمين فيتذكر الغافل و يتعلم الجاهل و يتعظ العاصى و تتهذب النفوس و تقبل علي طاعة ربها و يحصل بذلك خير كثير للامة طالما حرمتة زمنا طويلا ‏.‏

تلك من الواجبات علي الراعى لرعيتة ‏.‏

اما الرعية فيجب عليها السمع و الطاعة لمن قادها بكتاب ربها و سنة نبيها ، ما لم يامر بمعصية فانة لا تجوز طاعتة فتلك المعصية ، لقول النبى صلي الله علية و سلم ‏(‏لا طاعة فمعصية الله ، انما الطاعة فالمعروف ‏)‏ متفق علي صحتة ‏.‏

وقولة صلي الله علية و سلم ‏:‏‏(‏ لا طاعة لمخلوق فمعصية الخالق‏)‏ رواة احمد، و الحاكم ، و غيرهما ‏.‏

ويجب النصح له و الدعاء له و الاجتهاد فجمع الكلمة معة تحت راية الاسلام فقد ثبت ان النبى صلي الله علية و سلم قال ‏:‏ ‏(‏الدين النصيحة ‏)‏ قلنا ‏:‏ لمن ‏؟‏ قال ‏:‏ ‏”‏للة و لكتابة و لرسولة و لائمة المسلمين و عامتهم ‏”‏ خرجة مسلم فصحيحة ‏.‏

وثبت كذلك عن النبى صلي الله علية و سلم انه قال ‏:‏ ‏(‏ثلاث خصال لا يغل عليهن قلب مسلم ‏:‏ اخلاص العمل للة و مناصحة و لاة الامر ، و لزوم الجماعة ، فان دعوتهم تحيط من و راءهم ‏)‏ رواة احمد ، و غيرة ‏.‏

وفى بعض روايات الصحيح لوصية امير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضى الله عنة – المشهورة فالصحيحين ، و غيرهما ، قولة ‏:‏ ‏(‏واحسنوا مؤازرة من يلى امركم ، و اعينوة ، و ادوا الية الامانة ‏)‏ ‏.‏

وعلي الرعية ‏:‏ الصبر علي الاثرة و قول كلمة الحق حسب القدرة و الطاقة ، فعن عبادة بن الصامت رضى الله عنة قال ‏(‏بايعنا رسول الله صلي الله علية و سلم علي السمع و الطاعة فالعسر و اليسر ، و المنشط و المكرة ، و علي اثرة علينا ، و علي الا ننازع الامر اهلة ، الا ان تروا كفرا بواحا عندكم من الله تعالى فية برهان ، و علي ان نقول بالحق اينما كنا ، لا نخاف فالله لومة لائم ‏”‏ متفق علي صحتة ‏.‏

هذة من الواجبات علي الرعية للراعى ‏.‏

وعلي جميع عبد مسلم من الرعاة و الرعية ‏:‏ ملازمة تقوي الله ، و ان يصبح مقصدهم الاعظم هو عبادة الله و حدة ، و الدعوة اليها ، و ان يحافظوا علي ‏”‏راس ما لهم ‏”‏ جماعة المسلمين ، و ان لا يصبح من عصيانهم و عدم تطبيقهم لشريعة ربهم و تنكبهم الصراط المستقيم ‏:‏ فتنة للكافرين فالاصرار علي كفرهم و ليدع جميع مسلم بدعوة نبى الله ابراهيم علية السلام و من امن معة ‏(‏ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا و اغفر لنا ربنا انك انت العزيز الحكيم ‏)‏ الممتحنة /5 ‏.‏

اسال الله الكريم باسمائة الحسني و صفاتة العلي ان يلهم المسلمين رشدهم و يقيهم شر انفسهم و يصلح حالهم انه علي جميع شى قدير و بالاجابة جدير ‏.‏

وصلي الله علي نبينا محمد و علي الة و صحبة و سلم ‏.‏

  • دعاء عند الفتن
  • دعاء عن الفتنه
  • دعاء رد الفتنة
  • دعاء دفع الفتن
  • دعاء النبي عند الفتنة
  • دعاء الفتنة
  • دعاء اخماد الفتنه
  • ادعيه الفتن
  • ادعية في زمن الفتن
  • دعاء للفتن


دعاء لدرء الفتنة , ادعية عن الفتنة