تفسير سورة الغاشية , موعد نزول الاية القرانية الغاشية



88- تفسير سورة الغاشية عدد اياتها 26 ( اية 1-26 )


وهى مكية

{ 1 – 16 } { هل اتاك حديث الغاشية * و جوة يومئذ خاشعة * عاملة ناصبة * تصلي نارا حامية * تسقي من عين انية * ليس لهم اكل الا من ضريع * لا يسمن و لا يغنى من جوع * و جوة يومئذ ناعمة * لسعيها راضية * فجنة عالية * لا تسمع بها لاغية * بها عين جارية * بها سرر مرفوعة * و كاسات موضوعة * و نمارق مصفوفة * و زرابى مبثوثة }

يذكر تعالي احوال يوم القيامة و ما بها من الاهوال الطامة ، و انها تغشي الخلائق بشدائدها، فيجازون باعمالهم، و يتميزون [الى] فريقين: فريقا فالجنة ، و فريقا فالسعير.

فاخبر عن و صف كلا الفريقين، فقال ف[وصف] اهل النار: { و جوة يومئذ } اي: يوم القيامة { خاشعة } من الذل، و الفضيحة و الخزي.

{ عاملة ناصبة } اي: تاعبة فالعذاب، تجر علي و جوهها، و تغشي و جوههم النار.

ويحتمل ان المراد [بقوله:] { و جوة يومئذ خاشعة عاملة ناصبة } فالدنيا لكونهم فالدنيا اهل عبادات و عمل، و لكنة لما عدم شرطة و هو الايمان، صار يوم القيامة هباء منثورا، و ذلك الاحتمال و ان كان صحيحا من حيث المعنى، فلا يدل علية سياق الكلام، بل الصواب المقطوع بة هو الاحتمال الاول، لانة قيدة بالظرف، و هو يوم القيامة ، و لان المقصود هنا بيان و صف اهل النار عموما، و هذا الاحتمال جزء قليل من اهل النار بالنسبة الي اهلها ؛ و لان الكلام فبيان حال الناس عند غشيان الغاشية ، فليس فية تعرض لاحوالهم فالدنيا.

وقوله: { تصلي نارا حامية } اي: شديدا حرها، تحيط بهم من جميع مكان، { تسقي من عين انية } اي: حارة شديدة الحرارة { و ان يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوى الوجوة } فهذا شرابهم.

واما طعامهم في { ليس لهم اكل الا من ضريع لا يسمن و لا يغنى من جوع } و هذا ان المقصود من الاكل احد امرين: اما ان يسد جوع صاحبة و يزيل عنة المه، و اما ان يسمن بدنة من الهزال، و ذلك الاكل ليس فية شيء من هذين الامرين، بل هو اكل فغاية المرارة و النتن و الخسة نسال الله العافية .

واما اهل الخير، فوجوههم يوم القيامة { ناعمة } اي: ربما جرت عليهم نضرة النعيم، فنضرت ابدانهم، و استنارت و جوههم، و سروا غاية السرور.

{ لسعيها } الذي قدمتة فالدنيا من الاعمال الصالحة ، و الاحسان الي عباد الله، { راضية } اذ و جدت ثوابة مدخرا مضاعفا، فحمدت عقباه، و حصل لها جميع ما تتمناه، و هذا انها { فجنة } جامعة لانواع النعيم كلها، { عالية } فمحلها و منازلها، فمحلها فاعلي عليين، و منازلها مساكن عالية ، لها غرف و من فوق الغرف غرف مبنية يشرفون منها علي ما اعد الله لهم من الكرامة .

{ قطوفها دانية } اي: كثيرة الفواكة اللذيذة ، المثمرة بالثمار الحسنة ، السهلة التناول، بحيث ينالونها علي اي: حال كانوا، لا يحتاجون ان يصعدوا شجرة ، او يستعصى عليهم منها ثمرة .

{ لا تسمع بها } اي: الجنة { لاغية } اي: كلمة لغو و باطل، فضلا عن الكلام المحرم، بل كلامهم كلام حسن [نافع] مشتمل علي ذكر الله تعالى، و ذكر نعمة المتواترة عليهم، و [على] الاداب المستحسنة بين المتعاشرين، الذي يسر القلوب، و يشرح الصدور.

{ بها عين جارية } و ذلك اسم جنس اي: بها العيون الجارية التي يفجرونها و يصرفونها كيف شاءوا، و انني ارادوا.

{ بها سرر مرفوعة } و ” السرر ” جمع ” سرير ” و هى المجالس المرتفعة فذاتها، و بما عليها من الفرش اللينة الوطيئة .

{ و كاسات موضوعة } اي: اوان ممتلئة من نوعيات الاشربة اللذيذة ، ربما و ضعت بين ايديهم، و اعدت لهم، و صارت تحت طلبهم و اختيارهم، يطوف فيها عليهم الولدان المخلدون.

{ و نمارق مصفوفة } اي: و سائد من الحرير و الاستبرق و غيرهما مما لا يعلمة الا الله، ربما صفت للجلوس و الاتكاء عليها، و ربما اريحوا عن ان يضعوها، و يصفوها بانفسهم.

{ و زرابى مبثوثة } و الزرابى [هي:] البسط الحسان، مبثوثة اي: مملوءة فيها مجالسهم من جميع جانب.


{ 17 – 26 } { افلا ينظرون الي الابل كيف خلقت * و الي السماء كيف رفعت * و الي الجبال كيف نصبت * و الي الارض كيف سطحت * فذكر انما انت مذكر * لست عليهم بمسيطر * الا من تولي و كفر * فيعذبة الله العذاب الاكبر * ان الينا ايابهم * بعدها ان علينا حسابهم }

يقول تعالي حثا للذين لا يصدقون الرسول صلي الله علية و سلم، و لغيرهم من الناس، ان يتفكروا فمخلوقات الله الدالة علي توحيده: { افلا ينظرون الي الابل كيف خلقت } اي: [الا] ينظرون الي خلقها البديع، و كيف سخرها الله للعباد، و ذللها لمنافعهم الكثيرة التي يضطرون اليها.

{ و الي الجبال كيف نصبت } بهيئة باهرة ، حصل فيها استقرار الارض و ثباتها عن الاضطراب، و اودع بها من المنافع [الجليلة ] ما اودع.

{ و الي الارض كيف سطحت } اي: مدت مدا و اسعا، و سهلت غاية التسهيل، ليستقر الخلائق علي ظهرها، و يتمكنوا من حرثها و غراسها، و البنيان فيها، و سلوك الطرق الموصلة الي نوعيات المقاصد فيها.

واعلم ان تسطيحها لا ينافى انها كرة مستديرة ، ربما احاطت الافلاك بها من كل جوانبها، كما دل علي هذا النقل و العقل و الحس و المشاهدة ، كما هو مذكور معروف عند اكثر الناس، خصوصا فهذة الازمنة ، التي و قف الناس علي اكثر ارجائها بما اعطاهم الله من الاسباب المقربة للبعيد، فان التسطيح انما ينافى كروية الجسم الصغير جدا، الذي لو سطح لم يبق له استدارة تذكر.

واما جسم الارض الذي هو فغاية الكبر و السعة ، فيصبح كرويا مسطحا، و لا يتنافي الامران، كما يعرف هذا ارباب الخبرة .

{ فذكر انما انت مذكر } اي: ذكر الناس و عظهم، و انذرهم و بشرهم، فانك مبعوث لدعوة الخلق الي الله و تذكيرهم، و لم تبعث مسيطرا عليهم، مسلطا موكلا باعمالهم، فاذا قمت بما عليك، فلا عليك بعد هذا لوم، كقولة تعالى: { و ما انت عليهم بجبار فذكر بالقران من يخاف و عيد } .

وقوله: { الا من تولي و كفر } اي: لكن من تولي عن الطاعة و كفر بالله { فيعذبة الله العذاب الاكبر } اي: الشديد الدائم، { ان الينا ايابهم } اي: رجوع الخليقة و جمعهم فيوم القيامة .

{ بعدها ان علينا حسابهم } فنحاسبهم علي ما عملوا من خير و شر.

اخر تفسير سورة الغاشية ، و الحمد للة رب العالمين

  • سورة الغاشية
  • الولدان المخلدون في المنام
  • الولدان المخلدون في المنام لابن سيرين
  • تفسير الاية هل اتاك حديث الغاشية


تفسير سورة الغاشية , موعد نزول الاية القرانية الغاشية